"من بين كل الذين أتيحت لى فرصة مقابلتهم يظل "ألبرت أينشتاين"، عالم الطبيعيات الأكبر وصاحب نظرية النسبية، التى فتحت آفاق الكون أمام عقل وعين الإنسان - رجلا أتمنى لو كان فى استطاعتى أن أسترجع الأيام والأقدار وأقابله مرة أخرى"، هكذا قال الأستاذ محمد حسنين هيكل، عن لقائه بالعلم الكبير "أينشتاين" بعد لقاء جمعهما فى 12 ديسمبر 1952.
لكن لماذا تمنى هيكل لقاء "أينشتاين"، -والذى تحل اليوم ذكرى ميلاده الـ139، إذ ولد فى 14 مارس 1879، فى مدينة أولم الألمانية-، ولماذا ظلت تراوده تلك الأمنية بعد مرور السنين، وتظل الأكثر ظهورًا والأقرب إلى البال كما وصفها الأول، والتى ذكرها فى كتابه "زيارة جديدة للتاريخ".
يسرد الأستاذ إنه أثناء لقائه الذى عقد بحامعة أنستون وأثناء ممارسة رياضة المشى، -بناءً على شروط أينشتاين نفسه- إنه سأله وقال: "أريد ان أسالك هل ما الذى ينوون عمله (الظباط الأحرار)، بأهلى (اليهود)؟.. وهو ما أثار دهشة الأستاذ، موضحًا: "وتذكرت لحظتها فقط حقيقة أنه يهودى وكان فى وعيى وفهمى وتقديرى باستمرار أنه العالم ولم أصنفه فى خواطرى على أساس دينى أو عرقى، وها هو يسألنى عن أهله فى إسرائيل، وأول سؤال".
لكن صاحب نظرية النسبية، لاحظ دهشة الأستاذ، والذى أوضح قائلاً: "أن اهتمامى باليهود إنسانى، أننى عشت معاهم ما تعرضوا له فى ألمانيا قبل الحرب، وخرجت قاصدًا أمريكا- أننى جئت إلى أمريكا أول مرة بصحبة "حاييم زايزمان" عام 1921، وكان وقتها رئيسًا للوكالة اليهودية وأصبح بعدها أول رئيس لدولة إسرائيل.
وأضاف "هيكل" على لسان "أينشتاين": "لقد أردت أن أشارك فى حملة لجمع تبرع لصالح العبرية فى القدس ووفقت، هم أهلى وأنا أعرف الناس بما تعرضوا له، وكنت أشاركهم حلم الوطن. أن يكون لهم وطن لا يضطهدهم فيه أحد.. هل أنا واضح.. دعنى استكمل جملتى بنفس الوضوح فأنا أقول لك أننى لا أريدهم بدورهم أن يضطهدوا أحد فعرب، فلسطين، لهم حق الوطن الوحيد الذى عرفوه.. لا يستطيع أحد أن ينكره عليهم ما كان يحزننى فيما جرى ناحيتكم من العالم سنة 1948، أن بدا لى صراع بين حقين. ما حدث سبب لى أزمة ضمير، أنا أحدثك بما أعتقد لقد أسعدنى قيام دولة يهودية فى فلسطين، وأحزننى المأساة التى تعرض لها العرب هناك.
وأوضح "أينشتاين" أنه كان ضد زيارة "مناحم بيجين" لأمريكا عام 1948، ووصفه بأنه سفاح وإرهابى ولا يصح السماح له بزيارة أمريكا، وأعتذرت عن استقباله فى بيتى عندما أراد ذلك.
قبل أن يتم حديثه فى تلك القضية قائلا: "موقفى إزاء اليهود إنسانى نفسى موقفى إزاء العرب وفلسطين"