نشر الكاتب طارق إمام، شهادة له بمناسبة الاحتفال بعيد الأم، اليوم الأربعاء 21 من مارس، وروى "إمام" فى شهادته التى نشرها فى تدوينة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" بعض الذكريات منها أنه يشعر بغصة كلما يتذكر أنها أهداها كتابًا واحدًا من كتبه.
ويقول طارق إمام: لا أذكر المرة الأخيرة التى قدمت فيها هدية لأمى، بمناسبة أو بدون مناسبة، لا بد أن سنوات كثيرة مرت دون أمنحها شيئًا. أفكر بدقة أكبر: لقد مرت السنوات الأربعون التى تشكل عمرى، دون أن أمنح هذه المرأة شيئًا.
عن صوره الفوتوغرافية مع والدته، فيقول طارق إمام: أملك لها صورة واحدة، وهى تحملنى طفلًا على إحدى ذراعيها، وعلى الأخرى تحمل أختى التوأم. أعتبر تلك الصورة القادمة من عالم الأبيض والأسود، صورة لى وليست لها. أريها الآن لابنتى لأطلعها على طفولة وجهى، لا لأشير لوجه أمى المرسوم فى طفولتى.
صورة أمى المنفردة لم أحتفظ بها أبدًا (هل رأيت لها صورة منفردة بالأساس؟). لم تتعرف أمى على وحدتها في الصور. لم تكن ذات يوم بطلةً داخل إطار.
وعن إهدائه إحدى كتبه يقول: أهديت أمى واحدًا من كتبى. كتاب واحد فقط، سميتها فيه "بيضاء القلب"، بما يليق بكاتب ردىء. لم يكن ذلك الكتاب أول كتبى، ولا ثانيها، ولا حتى ثالثها.
قررت أن أفعل ذلك مع الكتاب الرابع، وأشعر بغصة كلما تذكرت ذلك. كانت هذه المرأة تستحق ولو إشارة فى البدء. لو أنى أعلم خاتمتى، لأهديتها كتابى الأخير، لكن كيف لى أن أتلمس النهاية إن أوشكت؟ الحياة، للأسف، تعدنا دائمًا بمزيد من الوقت، صالح للحياة، ولتصحيح الخطأ.
ويقول طارق إمام: مثل الكثيرين، لا أنطق اسم أمى، هى أمى فحسب. هى أيضًا لم تعد تنطقه منذ سنوات طويلة، كأنه غاب للأبد بحضورى، عندما أصبح اسمها منذ الثانى عشر من أغسطس ١٩٧٧ أم طارق. إنه الاسم الذى تعرف به نفسها عندما تضطر لذلك، كأنها تواطأت معى على إنكاره.
صارت المرأة من يومها أمى فقط. صارت أمى بأكثر مما بقيت زوجةً لأبى. انتزعتُ ذلك الحق رغم أنف إخوتى الثلاثة. لأننى "البكرى"، بات هذا اسمها الذى يناديها به الجيران فى الشارع، الذى لا يرحب، كجميع شوارعنا، بالإفصاح عن أسماء "ولاياه".
هكذا فقدت أمى اسمها عن طيب خاطر، لكن هل امتلكته حقًا ذات يوم؟