يظل الزعيم المصرى عمر مكرم (1750 - 1822) شخصية بارزة فى التاريخ المصرى فى بدايات القرن التاسع عشر، ولد فى أسيوط، وتعلم فى الأزهر الشريف، وولى نقابة الأشراف فى مصر سنة 1793، وكان له دور فى تولية محمد على والى على مصر، ولكن الوالى نفاه بعد ذلك: فهل خان محمد على باشا الزعيم عمر مكرم ونفاه إلى دمياط مرة وإلى طنطا مرة أخرى؟
ولتوضيح حقيقة الخلاف بينهما تواصل "انفراد" مع المؤرخ الكبير الدكتور عاصم الدسوقى، الذى قال: إن عمر مكرم له دور كبير فى تولية محمد على حكم مصر فى سنة 1805، حيث كان وقتها يشغل منصب نقيب الأشراف، وأخذ على محمد على ألا يصدر أى قرار دون الرجوع إلى بيت القاضى والتشاور معه فى أمره، وبهذا جعل محمد على تحت وصيته.
وأوضح الدكتور عاصم الدسوقى، فى تصريحات خاصة لـ"انفراد"، أنه فى عام 1808 جاء الفيضان ضعيفًا طبقًا لقياس النيل عند الروضة، واستنتج محمد على وقتها أن ذلك يعنى أن الإنتاج الزراعى سيكون منخفضا، لذا فكر مع نفسه أن يخفض الضريبة الزراعية على الملتزمين، والملتزمون دورهم تحصيل الضريبة من الفلاحين لتوريدها إلى الحكومة، وكان ذلك مقابل تحصيل مبلغ إضافى مقابل أتعابهم من قبل الفلاحين.
وأضاف الدكتور الكبير عاصم الدسوقى، أن محمد على أراد تخفيض الضريبة على الملتزمين شرط أن يقوموا بتخفيض الضريبة على الفلاحين، وطبقًا للاتفاق الذى تم بينه وبين نقيب الأشرف، قال محمد على لعمر مكرم "أنا فكرت فى تخفيض الضريبة الزراعية على الملتزمين بشرط تخفيضها على الفلاحين"، فرفض عمر مكرم تخفيض الضريبة على الفلاحين لكنه وافق على تخفيضها على الملتزمين، فطالب محمد على بمناقشة الفكرة مع مجلس العلماء.
وأشار المؤرخ الكبير، إلى أن محمد على قال لعمر مكرم نلتقى فى القلعة حيث إقامة محمد على، لكنه رفض وطالبه بالنزول ووقتها قال "سوف أنزل محمد على من القلعة كما أعليته إليها"، وبالفعل تقابلا فى بيت عمر مكرم بالأزبكية، وجمع محمد على العلماء وشرح لهم الأمر، ونال تأييدهم، لكن عمر مكرم ظل رافضًا تخفيض الضريبة على الفلاحين فاتخذ قرارًا بعزل عمر مكرم من منزله.
واستكمل الدكتور الكبير عاصم الدسوقى، قائلا: إن عمر مكرم بعد إقالته ذهب لبيته فى مصر القديمة ثم إلى دمياط وبعد ذلك ذهب إلى بلاد الشام، وهنا السؤال يطرح نفسه ما الذى جعل عمر مكرم رافضًا تخفيض الضريبة الزراعية على الفلاحين وموافق على تخفيضها على الملتزمين؟ ويكشف الدكتور عاصم الدسوقى عن السبب الذى يصيبنا بحالة من الدهشة وهى أن عمر مكرم كان من الملتزمين.
وأكد الدكتور عاصم الدسوقى، أن كل من يتفوه ويقول بدون علم أن محمد على خان عمر مكرم الذى جعله واليا على مصر، لا يتمتع بقدر من العلم لمعرفة حقيقة الخلاف بين محمد على وعمر مكرم.