يشكل الاحتفال بشم النسيم الذى يحل بعد غد "الاثنين" علامة دالة على معنى الهوية للمصريين كشعب واحد فى وطن واحد تضرب جذوره العريقة فى أعماق التاريخ وتشكل حضارته رسالة ملهمة للإنسانية كلها.
وفى كتاب جديد صدر فى بريطانيا بعنوان "الحضارات" كان من الدال أن تقترن العروض والمعالجات الصحفية لهذا الكتاب بسرده المبتكر فى الصحافة الغربية بصور لمؤلف الكتاب دافيد أولوسوجا وهو يقف عند أهرامات الجيزة الشامخة فيما تقول أدبيات التاريخ إن المصريين القدماء كانوا يحتفلون بشم النسيم بتجمعات قبالة "الواجهة الشمالية للهرم الأكبر".
وهذا الكتاب الجديد الذى صدر بالإنجليزية قوامه سلسلة وثائقية بعنوان "الحضارات" أعدها المؤرخ دافيد أولوسوجا اتخذت قالب التحقيق الثقافى التلفزيونى، وجاءت الحضارة المصرية فى قلب هذه السلسلة التى حظيت باهتمام واضح فى الصحافة الثقافية الغربية وتشكل ردا على ما يتردد فى بعض منابر الغرب بشأن "التفوق الأوروبى" بالتزامن مع صعود نزعات عنصرية لا تخطئها العين.
والمؤرخ دافيد اديتايو اولوسوجا نيجيرى الأصل ويحمل الجنسية البريطانية فيما تتنوع أنشطته الثقافية ما بين الكتابة والإذاعة والتحقيقات المتلفزة وسعى فى سلسلة تحقيقاته الوثائقية المتلفزة حول الحضارات للوصول "لجوهر الإبداع الإنسانى" كما كشف المزيد من الحقائق حول عمليات النهب الاستعمارى الأوروبى لكنوز ثقافية فى عالم الجنوب وخاصة القارة الأفريقية فيما استقرت بعضها فى متاحف كالمتحف البريطانى.
ولا ريب أن قضايا "الهوية" حاضرة فى هذا الكتاب الجديد وهى قضايا ثقافية بالدرجة الأولى ومتصلة مباشرة بمسائل مثل التراكم الحضارى وثراء الشخصية القومية لشعب كشعب مصر العظيم وخصائص مثل قابليته الطبيعية للانفتاح على الآخر دون قسر أو إرغام أو جور على خصوصياته الثقافية وملامحه الحضارية.
ويؤكد أحد المعنيين بالدراسات الثقافية التاريخية وهو إبراهيم عنانى، عضو اتحاد المؤرخين العرب أن الاحتفال بشم النسيم أصله "فرعونى" موضحا أن المصريين القدماء كانوا يطلقون على هذا اليوم "شموه" واعتبروه "عيدا للربيع والحب" حيث كان المصرى القديم يستيقظ مبكرا فى الصباح ليهدى زوجته "زهرة اللوتس".