تحيط قضية إيمان تشارلز داروين صاحب "نظرية التطور – أصل الأنواع" الكثير من الغموض والتعقيد وافتقار الأدلة، إذ كان داروين حذرًا فى الكشف ما يجول فى خاطره بشكل واضح وجازم، وقت إعداده لنظريته - التى استلمها الماديون - وقدموها فى الأوساط العلمية فيما بعد كنظرية فى مواجهة الدين المسيحى بصفة خاصة – والاعتقاد فى وجود إله بصفة عامة، لكن الراجح وفقًا لمذاكرات دارون وما ذهب إليه "ديفيد كوامن فى كتابه "داروين مترددا" أن داروين فقد إيمانه بعد سن الأربعين ويستند "كوامن" لما قاله تشارلز إلى أحد أصدقائه: "لم أتخل عن قط عن المسيحية حتى الأربعين من عمرى".\
تجنب داورين المشاركة فى جنازة أبيه وابنته
ويتكهن "كوامن" بأن اللحظة التى تخلى فيها داروين عن مسيحيته جاءت عام 1851 وتحديدًا بعد وفاة ابنته "آنى" قائلا: تعد وفاتها التى تلت وفاة أبيه بثلاثة أعوام علامة مهمة على الطريق الهادئ لتحرر داروين من الإيمان الدينى ومن الروحانيات، مشيرًا إلى تجنبه كلتا الجنازتين وترك طقوس صلوات راحة الميت ليؤديها غيره، لا عن ضعف جسدى أو عاطفى فحسب جعله يعتقد أنه غير قادر على الوقوف مرتديًا السواد إلى جانب النعش، لكن يبدو أيضًا أنه يعتبر أن هذه الطقوس الكنسية الانجليكانية للدفن، بتأكيدها على البعث لحياة أبدية، "أمور زائفة" لا معنى لها على حد قوله كوامن.
موقف زوجة داروين من إلحاده
ويلفت كومن إلى مرحلة مختلفة فى حياة داورين، وهى مرحلة الهرم إذ أنه أصبح يعتمد على "إيما" زوجته أكثر من أى وقت مضى، مشيرًا إلى أنها رغم ذلك لم تكن تشاركه اهتماماته الفكرية ولا ترفعه عن الدين، ويؤكد "كومن" أن دراوين فى تلك الفترة لم يستطع التظاهر بأنه يصادق معتقداتها.
وعندما سمعت بأفكاره الجامحة المهرطقة، كتبت له قائلة: "لا تظن أن هذا ليس شأنى، أنه ليحمل كثير من الأهمية بالنسبة لى". وكتبت له رسالة أخرى مفاداها "سأكون أشد تعاسة لو أعتقد أنه لا ينتمى أحدنا للآخر وللأبد".
ولم يكن فى استطاعة داروين إلا أن يتعاطف معها أو يتجنب الموضوع، ولم يكن من طبعة أن يكذب لكنه فى وقت ما خط ملحوظة فى نهاية خطابها.
"عندما أموت، فلتعرفى أنى كثيرًا ما قبلت هذا الخطاب وبكيت".