تعد الحرب الأمريكية الإسبانية إحدى الحروب المؤثرة دوليا وعالميا، ورغم أنها لا تحسب ضمن الحروب العالمية كالحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية، إلا أنها شهدت تكوين قوى عالمية جديدة وانهيار أخرى قديمة ظلت متماسكة مئات السنين قبل أن تنهار فجأة أمام القوى العظيمة الحديثة.
وتحل اليوم ذكرى إعلان المملكة الإسبانية الحرب على الولايات المتحدة فيما يعرف بالحرب الأمريكية الإسبانية، وتعرف هذه الحرب بإنها حرب خاضتها الولايات المتحدة إلى جانب ثوار كوبا ضد إسبانيا عام 1898، لتحرير كوبا من السيطرة الإسبانية، بعدما بدأت الثورة فى كوبا عام 1895، فكبدت مؤسسات الاستثمار الأمريكية خسائر فادحة، وتبينت الولايات المتحدة أهمية كوبا الاستراتيجية، بالنسبة لمشروع حفر قناة فى أمريكا الوسطى بين المحيطين الهندى والأطلنطى، وأثار الشعور العدائى فى الولايات المتحدة خطاب الوزير الأسبانى المفوض بواشنطن الذى نال فيه من الرئيس ماكنلى، كما أثاره إغراق إحدى المدرعة الأمريكية، فطالبت الولايات المتحدة إسبانيا بالجلاء.
ترتب على ذلك نشوب الحرب بين الدولتين، مما أدى لاحقا إلى سلسلة من الهزائم الإسبانية نتج عنها تحول الولايات المتحدة إلى دولة استعمارية كبرى وقوة عالمية بعد أن كانت قوة أمريكية إقليمية، وخسارة إسبانيا لمستعمراتها فى أمريكا والمحيط الهادئ، وتحولها إلى قوة من الدرجة الثانية.
وفسر كتاب "الموسوعة السياسية والعسكرية: الجزء الثالث" للدكتور فراس البيطار، التفوق البرى للقوات الأمريكية على نظيرتها الإسبانية التى لم تكن تمتلك إرادة قتالية كافية، فلقد كان لديها إمكانية حشد المزيد من القطاعات للدفاع عن منطقة سانتياغودى كوبا التى حسمت الحرب للأمريكان، لكنها لم تفعل واكتفت بحشد محدود من أصل 200 ألف رجل، أما الانتصار البحرى فجاء سريعا بسبب تفوق القطع البحرية الأمريكية على الإسبانية من حيث السرعة والقدرة النارية.
ويعتقد الباحث الدكتور خالد عبد نمال حوران الدليمى فى كتابه "ثيودور روزفلت وسياسة الولايات المتحدة الأمريكية الخارجية (1901 - 1909)"، أن هذه الحرب تعد نقطة تحول مهمة فى تاريخ السياسة الأمريكية، لاسيما لصالح أفكار الفكر التوسعى، الذى جعل الولايات المتحدة دولة إمبريالية حديثة، غير مقيدة فى نطاق أمريكا الشمالية، فمنذ نهاية الحرب الأمريكية الإسبانية دخلت الولايات المتحدة الساحة الدولية كونها قوة عالمية جديدة، يتابع: "مما لا شك فيه أن الحرب قد صعدت كبرياء الأمريكيين وعززت ثقتهم بقوتهم ووجودهم، ولاسيما بعد حصولهم على مكاسب ضخمة".
فيما يذهب الباحث الدكتور وائل محمد إسماعيل فى كتابه "الإمبراطورية الأخيرة: أفكار حول الهيمنة الأمريكية" إلى إن الحرب كانت بمثابة بداية التوسع الإقليمى للولايات المتحدة باتجاه الجنوب، المتمثل فى كوبا وبورتوريكو وجوام والفلبين.