إذا رغبنا فى معرفة كيف تم تجويد الخط العربى، وكيف خرج من الشكل الكوفى إلى ما يقارب الشكل الذى هو عليه الآن، فعلينا أن نتذكر صاحب الفضل فى ذلك، وهو "قطبة المحرر" الذى يعد من أشهر خطاطى العصر الأموى.
ظل الخط الكوفى المصحفى متداولاً حتى نهاية 14 هجرية، عندما طغى عليه خط النسخ واستخدم فى كتابة القرآن الكريم، ويعتبر الوزير ابن مقلة واضع أسس هذا الخط، وبانتقال الخلافة من الكوفة إلى دمشق وقيام الدولة الأموية، انتقل مركز العناية بالكتابة العربية إلى الشام، وكان "قطبة المحرر" من أوائل الناس التى خرجت من الشكل الكوفى المتعارف عليه.
فلا يتميز "قطبة المحرر" بأنه أشهر خطاطى عصره فقط، لكنه اشتهر أيضا بأنه مخترع، حيث قام بـ اختراع القلم الصومار والقلم الجليل وهو ما نسميه الآن بالخط الجلى.
وتمكن قطبة المحرر من ابتكار خطا جديدا يمزج بين الخطين الحجازى والكوفى، الخط "الجليل" استعمله قطبه ومن عاصروه أو جاؤوا بعده فى الكتابة على أبواب المساجد ومحاربيها.
ولم يكن الخط "الجليل" هو كل ابتكار قطبة، ولكنه ابتكر عدة خطوط آخرى أجاد وأحسن فيها، منها خط الطومار أى "خط الصحيفة" وخط الثلث والثلثين وذلك حوالى عام 136 هجريا
ومن بعد استخدامه هذه الأقلام، فأخذ كل كاتب يستخدم مواهبه الفنية فى إيجاد قاعدة جديدة فى الخط، وذلك لكثرت أشكال الكتابة وتنوعت الخطوط أصولاً وفروعا.
ويعرف عن "قطبه محرر"، بأنه مضمن "كتَّاب الدولة"، حيث يقول عليه ابن النديم: استخرج الأقلام الأربعة، واشتق بعضها من بعض، وكان قطبة من أكتب الناس على الأرض بالعربية".