إذا اعتبرنا أن الأديب العالمى الراحل نجيب محفوظ هو أبو الرواية العربية، وأن الأديب الكبير الراحل توفيق الحكيم هو أبو المسرح العربى، فيوسف إدريس هو أبو القصة القصيرة، وأحد رواد تلك الفنى الأدبى الكبير، فهو أحد أهم من ساهموا وتركوا إرثًا أدبيًا كبيرًا ما بين القصة والرواية، لكن ظلت الأولى معشوقته الأبدية.
ويحل اليوم الذكرى الـ91، على ميلاد الأديب الكبير الراحل يوسف إدريس، إذ ولد فى 19 مايو عام 1927، ورحل فى 1 أغسطس عام 1991، عن عمر ناهز حينها 64 عامًا.
ارتبط اسم الراحل بالقاص والأديب الروسى أنطوان تشيخوف، حتى أنه العديد من النقاد اطلقوا عليه تشيخوف العرب، وربما لم يرفض "إدريس" تلك اللقب فهو نفسه أكد إنه تأثر بكتاباته القصصية البديعة.
وبحسب ما قاله الناقد والشاعر شعبان يوسف فى مقال بعنوان "ضحايا يوسف إدريس.. تشيخوف وكتّاب عصره" نشر فى أخبار الأدب يوم 22 - 08 – 2015، "لو عدنا إلى أنطون تشيخوف، سنلاحظ أنه لا يوجد اسم، ارتبط تاريخيًا من الكتاب العرب والمصريين، كما ارتبط به يوسف إدريس، وهذا بحكم كثرة الاستدعاءات له فى الحوارات والأحاديث والاستشهادات، للدرجة التى دفعت يوسف ادريس أن المرة الوحيدة فى حياته التى قام فيها بترجمة قصة، كانت قصة لأنطون تشيخوف، وهى قصة "زوجة الصيدلي"، ونشرها فى مجلة "قصص للجميع" فى مايو 1952،وهى ليست مدرجة فى أى ببلوجرافيا من التى نشرت فى السياقات التى تناولت سيرة حياته".
يوسف إدريس نفسه تحدث عنه تأثره بأدب تشيخوف، وذلك فى حوار مع غالى شكرى فى مجلة حوار فى ديسمبر 1965، حيث قال "لقد خضت مع تشيخوف بالذاتتجربة، فعلا، ذلك يعنى أنك عندما تقرأ تشيخوف، فإنك تصبح شئت أم أبيتتشيخوفيا، ولهذا، فعندما حاولت الكتابة بعد قراءتى لأعماله، أحسست أن رؤيته قد فرضت نفسها عليّ، ولكن برهافة إلى حد أننى كنت الوحيد الذى لاحظ ذلك، وطالما أن الأصالة تستند على الرؤى الأصيلة، كان على أن أناضل لأحرر نفسى من السيطرة القاهرة التى فرضتها رؤيته وأفكاره على أعمالى، لقد كانت معركة شرسة ومريرة كلفتنى عاما كاملا تقريبا هو عام 1955".
واحدة من المواقف التى تؤكد ما يمثله أنطوان تشيخوف لدى يوسف إدريس، ما ذكره الناقد شعبان يوسف فى كتابه "ضحايا يوسف إدريس وعصره"، حول الجدل الذى حدث بسبب قصة "الطفل" للكاتب رؤوف حلمي، ونشرت القصة فى مجلة "الرسالة الجديدة "فى نوفمبر 1956، والتى فازت بالجائزة الأولى التى كانت تنظمها المجلة، واتهم حينها "إدريس" وكان أحد أعضاء لجنة التحكيم صاحب القصة باقتباسها من قصة لتشيخوف، وهو جعل الكاتب الكبير يوسف الشارونى للكتابة للرد على رأى يوسف إرديس مؤكدًا أن القصة الفائزة ليست قصة تشيخوف ولا تمت لها بأى صلة.
الجدل كما يصفها شعبان يوسف، وكان كان الشارونى يريد أن يقول لإدريس"إنك لا تحتكر قراءة أنطون تشيخوف"،وفى الحقيقة كانت كلمة يوسف ادريس هى الأمضى، وهى الأكثر نفاذا، وهو الذى قلب الترابيزة منذ البداية، وأعاد تشكيل اللجنة مرة أخرى بعد استبعاد أسماء لجنة التحكيم الأولى.