صدرت مؤخرا ترجمة لكتاب حكايات الشرق القديم ، لـ ألكسندر نميروفسكى، ترجمة مصطفى محمود، وذلك ضمن سلسلة آفاق عالمية، والتى تصدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة.
ويقول مصطفى محمود فى مقدمة الترجمة "حكايات الشرق القديم هى دعوة للترحال إلى الماضى البعيد فى الشرق حيث أقدم الحضارات بدءا من الحضارة المصرية القديمة، فى رحلة ممتعة ومثيرة للخيال، يأخذنا إليها مؤلف هذه الحكايات، حيث نتعرف على أبطالها من الناس العاديين الذين عاشوا هذه الفترات التاريخية الضاربة فى القدم بأسلوب بسيط وسلس يتماشى مع طبيعة الحياة غير المعقدة فى ذلك الحين، حيث نحيا مع صراعاتهم وتطلعاتهم وفق معتقداتهم، ونتأمل وضع اللبنات الأولى فى الفكر الإنسانى وتكوّن مفاهيم الحرية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية وتوق الإنسان إلى الحياة الآمنة والخلود".
ويتابع مصطفى محمود "يصنف الإبداع من هذا النوع على أنه من أدب الخيال العلمى، حيث إنه رحلة إلى الماضى البعيد مثلما هو الحال فى الرحلات إلىى المستقبل. ويقوم العمل التخيلى على حقائق علمية صدرها لنا التاريخ عن الماضى على هيئة نقوش محفورة على جدران المعابد أو أطلالها، وفى أوراق البردى والألواح الأثرية والمخطوطات القديمة".
ويضيف "يقوم المبدع بالبناء الفعلى لأحداث القصة أو الرواية بعد التأسيس للهيكل المجتمعى القائم وتراتبية السلطة والعلاقات الاجتماعية والعقائد السائدة، يأخذ هذه الشذرات المادية ويركب عليها الأحداث التى تدور فى إطار حدود المكان والمجتمع والمناخ والعلاقات الاقتصادية والاجتماعية وهيكل السلطة القائم".
ويتابع "نستطيع القول إنها القيود العلمية التى تحكم حدود الخيال والتصورات. ومن ثم يكون تصوير صراعات الإنسان مع البشر الآخرين ومع الملوك والطغاة وضد الآلهة وفقا للقوانين المختلفة السائدة آنذاك، ويرصد المبدع العوامل المادية التى أدت إلى بدايات تكوين المنظومة الفكرية والقيمية للإنسان، والتى أسست لمفاهيم حقوق الإنسان وقيمه الحديثة. وينتمى هذا النوع منىالأدب إلى ما يمكن أن نسميه أيضا الواقعية التخيلية أو الأدب الأدب والوثائقي. يذكر ألكسندر نميروفسكى مؤلف الحكايات ان السفر فى التاريخ القديم يشبه كثيرا السفر إلى الفضاء الخارجي. فحينما تسافر إلى الماضى السحيق تكشف التصادمات وتستوعب الصراعات، ويتيح لك منظور التاريخ أن تقرر أوجه التشابه فى الأحداث المختلفة. ويكون زادك فى هذه الرحلة المثيرة هو التصور والخيال.
وأجمل ما فى رحلة الحكايات هذه أنها تجعلنا نعيش التفصيلات الحياتية والاجتماعية للأحداث التاريخية التى وقعت فى العصور البعيدة من منظور إنساني. وهى ليست قصصا عن تمجيد الملوك والشخصيات البارزة والوقائع والأحداث الشهيرة، بل عن الإنسان العادى وحياته فى ظل كل ما سبق.
وتتأسس تلك الحكايات على مصادر ثابتة من نقوش المعابد وأوراق البردى والمخطوطات والنصوص الأدبية، وكذلك الأساطير فى الحضارة المصرية والبابلية والهندية والصينية.
وسوف يقوم القارئ برحلة ساحرة إلى المدن الغربية ويرى أشياء عجيبة ويتعرف على المفاهيم التى أسست للفكر الإنساني، وتأخذنا حكايات الشرق القديم إلى حيث نعيش حيوات أخرى وأعمارا فوق حياتنا، ما كان يتيسر لنا أن نحياها بهذه التفصيلات التى تشبه المعايشة التامة. فتعيش مع سنوحى وماعت وحتشبثوت وفراعنة مصر وجلجامش العظيم. وتطلع على قانون حمورابى، وتتعرف على صبغة الملوك الفينيقيين وشراب الخلود وروحانية بوذا وأباطرة الصين وأساطيرهم.