من الطقوس الروحية التى يتميز بها شهر رمضان المبارك، صلاة التراويح، أحد أهم وأطول الصلوات عند المسلمين وأكثر قربا لقلوب الصائمين، وهى صلاة تؤدى كل ليلة من ليالى شهر رمضان بعد صلاة العشاء ويستمر وقتها إلى قبيل الفجر، وحكمها سنة مؤكدة للرجال والنساء.
ومن خلال سلسلة "البداية فين" التى نقدمها كل يوم نبحث فيها عن أصل العديد من العادات والطقوس الدينية والاجتماعية خلال الشهر الكريم، نتحدث اليوم عن "صلاة التراويح" كيف بدأت ومتى أصبحت جماعة.
يؤمن المسلمون أن صلاة التراويح هى صلاة حكمها سنة مؤكدة، حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه».
ويرجع سبب تسمية الصلاة بهذا الاسم، حيث إن التراويح وهى جمع ترويحة، فقد سميت بهذا الاسم لأن المسلمين عندما يصلونها يقومون بالاستراحة بين كل تسليمتين.
أما كيف بدأت الصلاة، ففى كتاب الموطأ للإمام مالك، فإن الرسول صلى فى المسجد "فصلى بصلاته ناس كثير، ثم صلى من القابلة، فكثروا، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة فلم يخرج إليهم، فلما أصبح قال: "قد رأيت صنيعكم، فما يمنعنى من الخروج إليكم إلا أنى خشيت أن تفرض عليكم"، وذلك فى رمضان، لكن لم يذكر فى السنن أو كتب التفسير فى أى الأعوام قام بذلك.
واستمرت الصلاة بعد ذلك حتى كان الصحابة رضى الله عنهم بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم يصلونها فى جماعات وأفراداً حتى جمعهم عمر رضى الله عنه على إمام واحد، وذلك استنادا لما رواه البخارى: "عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِى أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِى اللَّهُ عَنْهُ لَيْلَةً فِى رَمَضَانَ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ، يُصَلِّى الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ، وَيُصَلِّى الرَّجُلُ فَيُصَلِّى بِصَلاتِهِ الرَّهْطُ، فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّى أَرَى لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلاءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ، ثُمَّ عَزَمَ فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَى بْنِ كَعْبٍ، ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلاةِ قَارِئِهِمْ، قَالَ عُمَرُ: نِعْمَ الْبِدْعَةُ هَذِهِ، وَالَّتِى يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ مِنْ الَّتِى يَقُومُونَ - يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ - وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ.