الصوفى الشاعر الصرصرى يعرف التاريخ أنه قتل على يد التتار فى بغداد فى سنة 565، بعدما دعاه قائدهم لملاقاته، فرفض فدخلوا عليه، فما كان منه إلا أن ألقى عليهم الحجارة والحصى، وقيل بأنه قتل أحدهم بعكازه قبل أن يستشهد.
إنه يحيى بن يوسف الأنصارى الصرصرى، المولود سنة 588 والمتوفى سنة 656 هجرية، من أهل صرصر، وهى قريبة من بغداد التى سكن بها وكان ضريراً قارئا للقرآن وعاملا به.
أنا العبد الذى كسب الذنوبا
وصدته الأمانى أن يتوبا
أنا العبد الذى أضحى حزينا
على زلاته قلقا كئيبا
أنا العبد الذى سطرت عليه
صحائف لم يخف فيها الرقيبا
أنا العبد المسئ عصيت سرا
فما لى الآن لا أبدى النحيبا
أنا العبد المفرط ضاع عمرى
فلم أرع الشبيبة والمشيبا
أنا العبد الغريق بلج بحر
أصيح لربما ألقى مجيبا
أنا العبد السقيم من الخطايا
وقد أقبلت التمس الطبيبا
أنا العبد المخلف عن أناس
حووا من كل معروف نصيبا
أنا العبد الشريد ظلمت نفسى
وقد وافيت بابكم منيبا
أنا العبد الفقير مددت كفى
إليكم فادفعوا عنى الخطوبا
أنا الغدار كم عاهدت عهدا
وكنت على الوفاء به كذوبا
أنا المقطوع فارحمنى وصلنى
ويسر منك لى فرجا قريبا
أنا المضطر أرجو منك عفوا
ومن يرجو رضاك فلن يخيبا
فيا أسفى على عمر تقضى
ولم أكسب به إلا الذنوبا
وأحذر أن يعاجلنى ممات
يحير هول مصرعه اللبيبا
وياحزناه من حشرى ونشرى
بيوم يجعل الولدان شيبا
تفطرت السماء به ومارت
أصبحت الجبال به كثيبا
إذا ما قمت حيرانا ظميئا
حسير الطرف عريانا سليبا
وياخجلاه من قبح اكتسابى
إذا ما أبدت الصحف العيوبا
وذلة موقف وحساب عدل
أكون به على نفسى حسيبا
ويا حذراه من نار تلظى
إذا زفرت وأقلقت القلوبا
تكاد إذا بدت تنشق غيظا
على من كان ظلاما مريبا
-فيا من مد فى كسب الخطايا
خطاه أما يأنى لك أن تتوبا
ألا فاقلع وتب واجهد فإنا
رأينا كل مجتهد مصيبا
وأقبل صادقا فى العزم واقصد
جنابا للمنيب له رحيبا
وكن للصالحين أخا وخلا
وكن فى هذه الدنيا غريبا
وكن عن كل فاحشة جبانا
وكن فى الخير مقداما نجيبا