شهاب الدين أبوالعباس أحمد بن حسن بن على الخزرجى الأنصارى المرسى، ولد فى مدينة مرسية فى الأندلس عام 616 هـ، ومنها حصل على لقبه المرسى، يتصل نسبه بالصحابى سعد بن عبادة وكان جده الأعلى قيس بن سعد بن عبادة أميرا على مصر من قبل سيدنا الإمام على بن أبى طالب سنة 36 هـ.
كان والد أبوالعباس المرسى يعمل فى التجارة فشارك معه فى تجارته، وكان المال الذى يربحه من تجارته يذهب إلى جيوب الفقراء والمساكين وأبناء السبيل، وكان يكتفى من أرباح تجارته بما يقيم أوَدَه ويحفظ حياته.
حينما كان فى الـ25 من عمره كان فى رحلة حج مع أبيه وأمه وأخيه، وصادفت مركبهم رياح عاتية بالقرب من شواطئ تونس فغرق أبوه وأمه وأخوه، وبقى هو ولجأ إلى تونس وهناك تعرف على أبى الحسن الشاذلى، فاصطحبه إلى مصر، التى قضى بها جل أيام عمره (43 عاما) إلى أن مات سنة هـ686 وكانت معيشته فى الإسكندرية وحدها، يدعو فيها للعلم والفقه الصوفى وذاع صيته بمصر كلها، وكان يأتيه المريدون من كل جهة من مصر وخارجها، ومن أبرز تلاميذه الإمام والعالم والشاعر البوصيرى وابن عطاء الله السكندرى وابن سبعين وابن عفيف التلمسانى.
إن كنت سائلنا عن خالص المنن وعن تآلف ذات النفس بالبدن
وعن تشبثها بالحظ مذ ألفت أدرانها فغدت تشكو من العطن
وعن بواعثها بالطبع مائلةً تهوى بشهوتها فى ظلمة الشجن
وعن حقيقتها فى أصل معدنها لا ينثى وصفها منها إلى وثن
وعن تنزلها فى حكمها ولها علم يفرقها فى القبح والحسن
فاسمع هديت علوماً عز سالكها على البيان ولا يغررك ذو لسن
قصداً إلى الحق لا تخفى شواهدها قامت حقائقها بالأصل والفنن
يا سائلى عن علوم ليس يدركها ذو فكرة بفهومٍ لا ولا فطن
لكن بنور على جامعٍ خمدت له العقول وكل الخلق فى وسن
خذها إليك بحق لست جاهله والأمر مطلع والحق قيدنى
على الحقيقة خذ علم الأمور ولا تحجبك صورتها فى عالم الوطن
ففطرة النفس سر لا يحيط به عقل تقيد بالاوهام والدرن
لكنها برزت بالحكم قائمة حتى تألفها السكان بالسكن
وكى يقال عبيد قائمون بما ألقى من الأمر قبل الخلق والمحن
والنفس بين نزولٍ فى عوالمها كآدم وله حواء فى قرن
والروح بين ترقً فى معارجها وهى الموافق للتعريف والمنن
من الحجاب دنت أنوارها فبدت نوراً تنزل بين الماء والدمن
مثالها فى العلا مرآة معدنها ألطافها خفية كالسر فى العلن
زيتونة زيتها نور لصاحبها قامت حقائقها بالأصل والقنن
ونار دعوتها ماء لشاربها مدت هدايتها فى الكون والكبن
والكل أنت بمعنى لاخفاء به والنور يحجبه كالماء فى اللبن
والعبد محتجب فى عز مالكه دقت معارفه فى الدهر والزمن