منذ أن فتح الله على المسلمون مكة المكرمة، فى العام الثامن من الهجرة، بدأ عصر الدولة الإسلامية والفتوحات العظيمة التى امتدت شرقًا فى بلاد فارس وغربا إلى المحيط الأطلسى.
ويمر اليوم الذكرى الـ1384، على فتح أولى مدن الشام وهى مدينة بصرى السورية، على يد سيف الله المسلول القائد خالد بن الوليد، فى العام الـ13 للهجرة، فى عهد أول الخلفاء الراشدين أبو بكر الصديق، فى 30 مايو عام 634.
وبحسب كتاب "الاجتهاد فى طلب الجهاد" لابن كثير، بينما كان خالد بن الوليد قد وصل فى الفتوحات التى بالعراق إلى مدينة الأنبار، كتب إليه الخليفة أبو بكر قائلا: "استخلف على الجيش الذى معك أميرا، وأقدم أنت ببعض الجيش إلى الشام وكن أنت الأمير عليهم"، فأهم خالد بالتوجه إلى الشام، وفى اليوم الخامس كان فى ثنية العقاب شرقى دمشق، فنصب عليها راية البنى صلى الله عليه وسلم، ثم أغار على سرح النصارى وكان يوم عيد لهم، فسبى وأخذ أموالا ثم سار إلى الأمراء على بصرى.
ويوضح كتاب "سيف الله: خالد بن الوليد لتركى بن الحسن الدهمانى، بعدما أغار خالد على النصارى، سار فأتى مرج راهط فأغار على غسان فقتل وسبى وأسار سرية إلى كنيسة بالغوطة فقتلوا وسبوا النساء وساقوا الغلمان إلى خالد، ثم سار إلى بصرى، فقاتل بها فظفر بهم وصالحهم، فكانت بصرى أول مدينة فتحت بالشام على يد خالد وأهل العراق، وبعث بعدها بالأخماس إلى أبو بكر الصديق، وكانت تلك المدينة بداية عهد المسلمين فى بلاد الشام، سار منها إلى اليرموك حيث المعركة الشهيرة ومنها إلى فلسطين، ومنها إلى مصر، التى فتحت على يد عمرو بن العاص، فى زمن الخليفة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب.
لكن قبل فتح المدينة الشامية على يد سيف الله المسلول، بحسب كتاب "غزوات الرسول (ص) من صورة عسكرية" للدكتور محمد حسين، أنه عندما خرج عم النبى أبو طالب فى رحلة تجارية إلى الشام، وكان النبى حينها قد بلغ التاسعة أو العاشرة من عمره بحسب اختلاف الروايات، رجاه الرسول أن يصحبه معه، فكان رد أبو طالب: والله لأخرجن به معى، ولا يفارقنى ولا أفارقه أبدا"، ولدى وصول موكب القافلة إلى مدينة بصرى على طريق التجارة إلى الشام، مال القوم إلى دير ليستريحوا عنده فخرج إليهم راهب يدعى "بحيرى"، فلما وقع نظره على الغلام محمد، سأل عنه وعن اسمه ووالده، فلما استعلم من عمه، قال له: "أرجعوا بالغلام إلى أهله، فإذا علمت به اليهود والروم قتلوه، وأنه سيكون له شأن عظيم، فأعده عمه إلى مكه"، وقيل إن بصرى هى أبعد مكان رآه الرسول فى حياته وأقصى موقع زاره فى بلاد الشام.