آية و5 تفسيرات.. لا الشمس ينبغى لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار

نواصل، اليوم، سلسلة "آية و5 تفسيرات" التى بدأناها منذ أول رمضان، ونتوقف عند آية من الجزء الثالث والعشرين، هى الآية رقم 40من سورة يس، والتى يقول فيها الله سبحانه وتعالى "لَا الشَّمْسُ يَنبَغِى لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِى فَلَكٍ يَسْبَحُونَ". تفسير الطبرى وقوله (لا الشَّمْسُ يَنْبَغِى لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ ) يقول تعالى ذكره: لا الشمس يصلح لها إدراك القمر، فيذهب ضوؤها بضوئه، فتكون الأوقات كلها نهارًا لا ليل فيها( وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ) يقول تعالى ذكره: ولا الليل بفائت النهار حتى تذهب ظلمته بضيائه، فتكون الأوقات كلها ليلا. وبنحو الذى قلنا فى ذلك قال أهل التأويل على اختلاف منهم فى ألفاظهم فى تأويل ذلك، إلا أن معانى عامتهم الذى قلناه. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبى بَزَّة، عن مجاهد فى قوله ( لا الشَّمْسُ يَنْبَغِى لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ ) قال: لا يشبه ضوءها ضوء الآخر، لا ينبغى لها ذلك . حدثنى محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثنى الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبى نجيح، عن مجاهد، فى قوله ( لا الشَّمْسُ يَنْبَغِى لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ ) قال: لا يُشبه ضوء أحدهما ضوء الآخر، ولا ينبغى ذلك لهما وفى قوله ( وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ) قال: يتطالبان حَثيثين ينسلخ أحدهما من الآخر. حدثنى يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا الأشجعيّ، عن سفيان، عن إسماعيل، عن أبى صالح ( لا الشَّمْسُ يَنْبَغِى لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ) قال: لا يدرك هذا ضوءَ هذا ولا هذا ضوء هذا . حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول، فى قوله ( لا الشَّمْسُ يَنْبَغِى لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ ) وهذا فى ضوء القمر وضوء الشمس، إذا طلعت الشمس لم يكن للقمر ضوء، وإذا طلع القمر بضوئه لم يكن للشمس ضوء ( وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ) قال: فى قضاء الله وعلمه أن لا يفوت الليل النهار حتى يدركه، فيذهب ظلمته، وفى قضاء الله أن لا يفوت النهار الليل حتى يدركه، فيذهب بضوئه. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( لا الشَّمْسُ يَنْبَغِى لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ) ولكلٍّ حدٌّ وعلم لا يعدوه، ولا يقصر دونه؛ إذا جاء سلطان هذا، ذهب سلطان هذا، وإذا جاء سلطان هذا ذهب سلطان هذا . ورُوى عن ابن عباس فى ذلك ما حدثنى محمد بن سعد، قال: ثنى أبى، قال: ثنى عمى، قال: ثنى أبى، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله (لا الشَّمْسُ يَنْبَغِى لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ) يقول: إذا اجتمعا فى السماء كان أحدهما بين يدى الآخر، فإذا غابا غاب أحدهما بين يدى الآخر، وأنْ من قوله (أَنْ تُدْرِكَ) فى موضع رفع بقوله: ينبغى. وقوله (وَكُلٌّ فِى فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) يقول: وكل ما ذكرنا من الشمس والقمر والليل والنهار فى فلك يجرون. تفسير البغوى (لا الشمس ينبغى لها أن تدرك القمر ) أى: لا يدخل النهار على الليل قبل انقضائه، ولا يدخل الليل على النهار قبل انقضائه، وهو قوله تعالى: ( ولا الليل سابق النهار ) أى: هما يتعاقبان بحساب معلوم لا يجيء أحدهما قبل وقته . وقيل: لا يدخل أحدهما فى سلطان الآخر، لا تطلع الشمس بالليل ولا يطلع القمر بالنهار وله ضوء، فإذا اجتمعا وأدرك كل واحد منهما صاحبه قامت القيامة . وقيل: "لا الشمس ينبغى لها أن تدرك القمر " أى: لا تجتمع معه فى فلك واحد، " ولا الليل سابق النهار " أى: لا يتصل ليل بليل لا يكون بينهما نهار فاصل ( وكل فى فلك يسبحون ) يجرون . تفسير ابن كثير وقوله: (لا الشمس ينبغى لها أن تدرك القمر ): قال مجاهد: لكل منهما حد لا يعدوه ولا يقصر دونه، إذا جاء سلطان هذا ذهب هذا، وإذا ذهب سلطان هذا جاء سلطان هذا . وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن الحسن فى قوله: ( لا الشمس ينبغى لها أن تدرك القمر ) قال: ذلك ليلة الهلال . وروى ابن أبى حاتم هاهنا عن عبد الله بن المبارك أنه قال: إن للريح جناحا، وإن القمر يأوى إلى غلاف من الماء. وقال الثورى، عن إسماعيل بن أبى خالد، عن أبى صالح: لا يدرك هذا ضوء هذا، ولا هذا ضوء هذا . وقال عكرمة فى قوله ( لا الشمس ينبغى لها أن تدرك القمر ): يعنى: أن لكل منهما سلطانا، فلا ينبغى للشمس أن تطلع بالليل. وقوله: ( ولا الليل سابق النهار ): يقول: لا ينبغى إذا كان الليل أن يكون ليل آخر حتى يكون النهار، فسلطان الشمس بالنهار، وسلطان القمر بالليل . وقال الضحاك: لا يذهب الليل من هاهنا حتى يجيء النهار من هاهنا . وأومأ بيده إلى المشرق . وقال مجاهد: ( ولا الليل سابق النهار ) يطلبان حثيثين، ينسلخ أحدهما من الآخر . والمعنى فى هذا: أنه لا فترة بين الليل والنهار، بل كل منهما يعقب الآخر بلا مهلة ولا تراخ ; لأنهما مسخران دائبين يتطالبان طلبا حثيثا . وقوله: ( وكل فى فلك يسبحون ) يعنى: الليل والنهار، والشمس والقمر، كلهم يسبحون، أى: يدورون فى فلك السماء . قاله ابن عباس، وعكرمة، والضحاك، والحسن، وقتادة، وعطاء الخراسانى . وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: فى فلك بين السماء والأرض . رواه ابن أبى حاتم، وهو غريب جدا، بل منكر . قال ابن عباس وغير واحد من السلف: فى فلكة كفلكة المغزل . وقال مجاهد: الفلك كحديد الرحى، أو كفلكة المغزل، لا يدور المغزل إلا بها، ولا تدور إلا به . إعراب القرآن لقاسم دعاس (لَا الشَّمْسُ) لا نافية والشمس مبتدأ (يَنْبَغِي) مضارع مرفوع والجملة خبر المبتدأ والجملة الاسمية استئنافية لا محل لها (لَها) متعلقان بينبغى (أَنْ تُدْرِكَ) مضارع منصوب بأن وما بعدها فى تأويل مصدر فى محل رفع فاعل ينبغى (الْقَمَرَ) مفعول به (وَلَا اللَّيْلُ) الواو حرف عطف ولا نافية والليل مبتدأ (سابِقُ) خبر (النَّهارِ) مضاف إليه والجملة معطوفة على ما قبلها لا محل لها (وَكُلٌّ) الواو استئنافية ومبتدأ (فِى فَلَكٍ) متعلقان بيسبحون (يَسْبَحُونَ) فعل مضارع مرفوع والواو فاعل والجملة خبر والجملة الاسمية استئنافية لا محل لها. تفسير الوسيط لـ طنطاوى وقوله- تعالى-: لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِى لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ، وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ، وَكُلٌّ فِى فَلَكٍ يَسْبَحُونَ بيان لدقة نظامه- سبحانه- فى كونه، وأن هذا الكون الهائل يسير بترتيب فى أسمى درجات الدقة، وحسن التنظيم. أى: لا يصح ولا يتأتى للشمس أن تدرك القمر فى مسيره فتجتمع معه بالليل. وكذلك لا يصح ولا يتأتى الليل أن يسبق النهار، بأنه يزاحمه فى محله أو وقته، وإنما كل واحد من الشمس والقمر، والليل والنهار، يسير، فى هذا الكون بنظام بديع قدره الله- تعالى- له، بحيث لا يسبق غيره، أو يزاحمه فى سيره. قال الإمام ابن كثير: قوله- تعالى-: لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِى لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ قال مجاهد: لكل منهما حد لا يعدوه، ولا يقصر دونه، إذا جاء سلطان هذا ذهب هذا، وإذا ذهب سلطان هذا جاء سلطان هذا.. وقال عكرمة: يعنى أن لكل منهما سلطانا فلا ينبغى للشمس أن تطلع بالليل. وقوله: وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ يقول: لا ينبغى إذا كان الليل أن يكون ليل آخر، حتى يكون النهار... وقوله- تعالى-: وَكُلٌّ فِى فَلَكٍ يَسْبَحُونَ التنوين فى «كل» عوض عن المضاف إليه.. قال الآلوسى: والفلك: مجرى الكواكب، سمى بذلك لاستدارته، كفلكة المغزل، وهى الخشبة المستديرة فى وسطه، وفلكة الخيمة، وهى الخشبة المستديرة التى توضع على رأس العمود لئلا تتمزق الخيمة . أى: وكل من الشمس والقمر، والليل والنهار، فى أجزاء هذا الكون يسيرون بانبساط وسهولة، لأن قدرة الله- تعالى- تمنعهم من التصادم أو التزاحم أو الاضطراب.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;