فى نهار يوم 8 يناير 1992، وفى أرض المعارض بمدينة نصر، حيث الحدث الثقافى الأهم فى البلاد، معرض القاهرة الدولى للكتاب، كان الكاتب والمفكر الكبير فرج فودة، على موعد مع "مناظرة الموت" تلك الندوة النقاشية التى تسببت فى اغتياله نتيجة أفكاره التنويرية على يد بعض رجال الفكر المتطرف.
المناظرة التى كان أطرافها فرج فودة، والذى تحل اليوم ذكرى رحيله الـ26، إذ توفى فى 8 يونيو عام 1992 على يد رجلين متشددين، فى مواجهة الشيخ الغزالى والدكتور محمد عمارة والمستشار الهضيبى، وبإدارة الدكتور سمير سرحان، حضرها العديد من رجال الفكر والثقافة والفن فى مصر، ولما لا فقد كان "فرج فودة"حديث الساعة فى ذلك الوقت.. فى أحد الصفوف الخلفية، كان هناك شخص يراقب المناظرة ويترقب ردود أفعال المواجهين لفرج فودة، قلقا حول ذلك المصير الذى ينتظر رجلا كان ضحية اللجوء للعقل، هذا الشخص كان الفنان الكبير محمود مرسى.
الكاتب والمفكر الدكتور خالد منتصر، تحدث عن تلك الواقعة، فى فبراير الماضى خلال ندوة لمناقشة كتاب "محاكم التفتيش" للكاتبة دينا أنور، مشيرا إلى أن الفنان الكبير محمود مرسى توقع مقتل المفكر الكبير فرج فودة، بعد مناظرته مع الدكتور محمد عمارة بمعرض الكتاب قائلا "الراجل ده هيغتالوه"، مضيفا أن بائعى الكتب قالوا بعد اغتياله: "يلا نطبع كتاباته دلوقتى دى هتبيع كويس".
فى ذلك الوقت كانت السيناريست الكبير وحيد حامد، انتهى من كتابة مسلسل "العائلة"، والذى تناول بين أحداثه قضية الإرهاب والفقر الذى يؤدى بالفقراء إلى الانجراف وراء التيار المتطرف، الغريب أن "مرسى" اعتذر فى البداية عن لعب دور البطولة فى المسلسل، كذلك اعتذر المخرج عاطف الطيب، وبحسب ما قاله الكاتب والحقوقى الراحل حمدى الأسيوطى، فإن المسلسل تعرض للهجوم حتى قبل تصويره، وراح المتشددون يهاجمون المسلسل، وعندما قرأ محمود مرسى أوراق المسلسل لأول مرة أصابه الخوف الشديد على المؤلف وحيد حامد واتهمه بالجنون، لكن بعد وفاة "فودة" وتحقق نبوءته غير رأيه ورأى أن الفن لابد له أن يحارب تلك الأفكار المتشددة الهدامة.
وبعدها عاد محمود مرسى إلى وحيد حامد وطلب منه الخروج بالمسلسل الذى أخرجه إسماعيل عبد الحافظ، ولعبت دور البطولة الفنانة ليلى علوى، وتعرض حينها لردود افعال صاخبة تهدد المسلسل واتهم البعض العمل بأنه يهاجم الإسلام وشنوا حملة شعواء على ما ورد فيه عن عذاب القبر على لسان محمود مرسى فى إحدى الحلقات، واعتبروه تشكيكا فى الدين، الأمر الذى أدى لصدور بيان عن شيخ الأزهر فى 10 مارس 1994 الموافق 28 رمضان وأكد فيه أن عذاب القبر من العقائد الإسلامية التى يجب الإيمان بها، وهو الأمر الذى سبب تعديل نص العمل خلال الحلقة الأخيرة، من خلال دور للفنان حمدى غيث.