"لا يجب أن تتحمل المجتمعات اليهودية مسئولية مكافحة معاداة السامية بمفردها، فإنها آفة تتفاقم وتستفحل شرّاً وتعيث فساداً فى المجتمع ككل، وتنطوى مكافحتها على الدفاع عن حقوق الإنسان" هكذا قالت المديرة العامة لليونسكو، أودرى أزولاى، فى بيان صادر عن المنظمة خلال فعالية تدشين منشور بعنوان "درء معاداة السامية من خلال التعليم، توجيهات لواضعى السياسات"، وذلك خلال فعالية أقيمت فى مقر اليونسكو فى باريس.
هذا أول منشور يتم إصداره عن وكالة تابعة للأمم المتحدة، مقدّما توصيات عملية يُستعان بها للتصدى لهذه الممارسات من خلال التعليم.
ومع كل الحديث التى يتباه اليهود عن السامية ومنشور اليونسكو الأخير، نحاول خلال السطور التالية تسليط الضوء على أصل المصطلح وأول من استخدمه.
فى البداية نوضح ما السامية؟ وهى كما يذكرها كتاب "سـيف السامية"، للكاتب رفعت سيد أحمد، أن السامى هو ذلك الشخص المنحدر من أصول ترجع إلى سلالة سام بن نوح، ويطلق مصطلح السامية على الديانات التى ارتبط ظهورها بشخصيات تنتمى إلى العرق السامى، ولا يعنى ذلك أن جميع أتباع الديانات ساميون، ووفق هذا التعريف ليس كل اليهود ساميين.
وعلى الرغم من أن العرب كعرق يمثلون أحد مكونات العرق السامى، فإن الجماعات الصهيونية عملت على احتكار مصطلح السامية واعتباره يخص اليهود وحدهم، وبالتالى فإن المصطلح وفق هذا التعريف يرتبط بالعداء لليهود، وبمرور الوقت بدأت الجماعات الصهيونية توجه للعرب تهمة العداء للسامية، رغم أنهم ساميون مثلهم.
وتعد معاداة السامية ممارسة غربية خالصة، حيث ظهر المططلح فى نهاية القرن التاسع عشر فى ألمانيا للتمييز بين العرق الآرى والعرق السامى ونسبة صفات معينة متميزة لهذين الجنسين، وكان الباحث والصحفى الألمانى وليم مار أول من استخدم مصطلح معاداة السامية عام 1879، لتمييز الحركة المضادة لليهود التى عكستها الكتابات الصحفية فى ألمانيا والتى وجدت دفعة قوية على يد المستشار الألمانى بسمارك، وتلا ذلك نشأة جمعية معاداة السامية التى تمكنت من جمع 255 ألف توقيع يطالب بطرد اليهود، وقامت مظاهرت عدة تؤيد ذلك الأتجاه، على خلفية توجه تهمة لليهود بالتقل الطقوسى وتهمة الدم التى وجهت لهم فى العصور الوسطى.
الغريب فى استخدام اليهود للمصطلح، أن أصوله تعود إلى اتهام لليهود أنفسهم، فبحسب كتاب "اليهود من عهد داوود إلى دولة إسرائيل" لعلى محمد عبدالله، أنه تعود أصول معاداة السامية فى المسيحية إلى اتهام اليهود بصلب يسوع المسيح، واضطهاد تلاميذه فى القرون المسيحية الأولى، مستندين بذلك على قول اليهود أثناء محاكمة يسوع: "دمه علينا وعلى أولادنا"، كما تم اتهام اليهود بعدة تهم ومنها تسميم آبار المسيحين والتضحية بالأطفال كقرابين بشرية وسرقة الخبر وتدنيسه، وبسبب هذه التهم تم طرد معظم اليهود من دول أوروبا الغربية إلى شرق ووسط أوروبا والمغرب العربى.