لم يقتصر الجهاد فى سبيل الله، فى زمن معارك النبى (ص)، على الرجال المقاتلين المناضلين من أجل نصرة دين الله ورسوله الكريم فقط، بل كانت النساء أيضا تقوم بأدوار بطولية فى التمريض والطب من أجل مداوة جرحى المعارك والغزوات النبوية.
وخلال شهر رمضان المبارك، نقدم سلسلة "صحابيات حول النبى"، ونتناول بشكل يومى شخصية نسائية من النساء اللاتى عاصرن النبى محمد - صلى الله عليه وسلم - وشخصية هذا اليوم رفيدة الأنصارية.
ورفيدة طبيبة من كريمات النساء، من الصحابيات الفاضلات، بايعت الرسول صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة، واشتركت فى غزوتى الخندق وخيبر، وكانت رضى الله عنها قارئة، كاتبة، وصاحبة ثروة واسعة، حيث كانت تنفق على عملها هذا من حُرِّ مالها، وخالص ثروتها، متطوعة بالجهد والمال فى سبيل الله.
وبحسب موقع المجلس الإسلامى الإعلى فى أستراليا، فإن دورها لم يكن مقتصرًا على الغزوات فقط، بل عَمِلت أيضًا فى وقت السِّلم تُعاون وتُواسى كل محتاج؛ وكانت أول سيدة تعمل فى نظام أشبه ما يكون بنظام المستشفيات فى وقتنا، أما كونها أول ممرضة فى الإسلام فليس فى ذلك خلاف، فقد ذاع صيتها بين معاصريها فى فن الجراحة، لهذا السبب اختارها الرسول صلى الله عليه وسلم لعلاج سعد بن معاذ رضى الله عنه.
وبحسب ما يذكره كتاب "نساء حول الرسول: القدوة الحسنة والأسوة الطيبة" للدكتور محمد إبراهيم سليم، فقد ذكرها ابن إسحاق فى قصة سعد بن معاذ لما أصابه ما أصابه بالخندق، فقال النبى (ص): "اجعلوه فى خيمة رفيدة التى فى المسجد حتى اعوده من قريب"، ثم يقول ابن إسحاق: وكانت امرأة تداوى الجرحى، وتحتسب بنفسها، على خدمة من كانت به ضيعة من المسلمين.
وقال البخارى فى الأدب المفرد: حدثنا أبو نعيم: قال: ولما أصيب أكحل سعد يوم الخندق فقيل: حولوه عند امرأة يقال لها "رفيدة" وكانت تداوى الحجرى، وكان رسول الله إذا مر به يقول: كيف أمسيت، وإذا أصبح قال: كيف أصبحت، فيخبره، وقد ورد ذلك فى التاريخ بقصة وفاة سعد، وسنده صحيح.