ربما لا يعلم الكثيرون فى المنطقة العربية والشرق الأوسط، عن الروائى البريطانى من أصول هندية سلمان رشدى، سوى روايته الأشهر "آيات شيطانية"، تلك الرواية التى تسببت فى صدور فتوى بإهدار دمه من قائد الثورة الإيرانية آية الله الخمينى، من خلال راديو طهران الذى قال فيه " يجب إعدام سلمان رشدى" فى 14 فبراير 1989، حتى أنه تعرض فى 3 أغسطس 1989 لمحاولة اغتيال فاشلة عن طريق كتاب مفخخ، حاول تمريره شخص يدعى مصطفى مازح، لكن الكتاب انفجر بشكل مبكر مما أدى إلى مقتل الأخير وتدمير طابقين من فندق بادينجتون.
ويبدو أن الدفاع عن سلمان رشدى، الذى تحل اليوم ذكرى ميلاده الـ71، إذ ولد فى 19 يونيو عام 1947، ومحاولة الهجوم على أصحاب الفكر المتشدد، عرض أصحاب ذلك الرأى للصدام ومحاولات القتل أيضا، فهل كانت محاولة اغتيال نجيب محفوظ لها علاقة برأيه فى إهدار دم سلمان رشدى؟
بحسب كتاب "صفحات من مذكرات نجيب محفوظ" للناقد الكبير رجاء النقاش، فإن جريمة الاعتداء على نجيب محفوظ لم تحدث فجأة، بل سبقتها مقدمات ودلائل تشير إلى وجود نوايا للاعتداء عليه من جانب الجماعات المتطرفة، وذلك بسبب موقفه المعارض لفتوى الإمام الخمينى بإهدار دم سلمان رشدى عقابا له على روايته "آيات شيطانية" التى اعتبرها تمس الإسلام ونبيه بسوء.
الأديب العالمى بحسب الناقد رجاء النقاش قال: إن محاربة الفكر لا تكون إلا بالفكر، وقد أُلفت المئات من الكتب ضد الإسلام طوال القرون الماضية، ورغم ذلك فقد انتشر الإسلام وقويت شوكته وذلك لأنه لا يمكن لكتاب مهما كان شأنه أن يهز عقيدة أو دين.
وفى الوقت التى نشرت جريدة الأهرام قصة خبرية حول أزمة سلمان رشدى، اختتمت الجريدة الموضوع بالقول: "وفى نفس الوقت أعلن الأديب العالمى نجيب محفوظ أنه يجب عقاب الإمام الخمينى على قراره بقتل سلمان رشدى".
وأدلى الأديب العالمى بتصريحات لوكالة رويترز البريطانية حول الأزمة قائلا: "إن القتل جريمة، والتحريض عليه أيضا جريمة" وأضاف أنه لم يقرأ الرواية التى رفضها الأزهر ويرى أن الطريق الأفضل هو تحليل الرواية والرد المنطقى على ما تحتويه.
التصريحات والمواقف الماضية تسببت فى قيام صحيفة النور الإسلامية فى عددها الصادر فى 22 فبراير عام 1989، بنشر موضوعا تصدر مانشيتها الرئيسى يعتبر نجيب محفوظ وسلمان رشدى وجهان لعملة واحدة، بل واعتبرت الأخير من تلاميذ صاحب الثلاثية الذين باعوا أنفسهم للشيطان بحسب وصف الجريدة، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فوقف العديد من المشايخ والأئمة يبثون السموم وردد الشيخ عمر عبد الرحمن فى أكثر من خطبة بأن نجيب محفوظ مرتد، وأدلى الشيخ نفسه فى تصريحات لجريدة "الأنباء" الكويتية فى أبريل عام 1989 قائلا: "إنه من ناحية الحكم الإسلامى فسلمان رشدى ومثله نجيب محفوظ مرتدان، وكل من يتكلم عن الإسلام بسوء فهو مرتد والحكم الشرعى أن يستتاب فأن لم يتب قتل".
وهكذا كان لرأى نجيب من قضية سلمان رشدى، نصيبا من الفتاوى الجاهزة لإراقة دم كل من الأديب العالمى والكاتب البريطانى الشهير.