"وسيظل السؤال؟ ما الذى تفتقده العملية التعليمة فى بلد نامى مثل مصر هل الاستثمار أم البشر؟ بصيغة أبسط، هل الأدوات والتجهيزات أم إعدادا أفضل للمدرس أم كلاهما معا؟".. هكذا اختتمت سيدة الشاشة الفنانة الكبيرة فاتن حمامة، آخر جملة لها فى أولى أعمالها التليفزيونية وأنجحها وأشهرها وضمير أبلة حكمت.
يمكن القول إن مسلسل "ضمير أبلة حكمت" والذى قدمت فيه الفنانة الراحلة فاتن حمامة مثالا، للمرأة المحملة بكل القيم والمبادئ الإنسانية الصحيحة، والمؤمنة بها رغم مساوئ وشرور العالم، وكأنها تجسد الضمير فى عالم بلا ضمير.
فى المسلسل وقفت فاتن حمامة أمام كوكبة من ألمع النجوم كالنجم الكبير أحمد مظهر، والفنان الكبير جميل راتب، والفنان القدير صلاح قابيل، بجانب أنها ضمت إلى عملها مجموعة كبيرة من النجوم الشباب، كان المسلسل بمثابة نقطة انطلاق لنجوميتهم ومشوارهم الفنى كمحمود الجندى وسوسن بدر وعبلة كامل.
ولعل ما ميز المسلسل بجانب أداء النجوم المتقن والجاد، كان النص المتماسك والحوار المتناسق الذى أبدعه الراحل أسامة أنور عكاشة وجعلك تشاهد الحوار بين أبطال العمل، وكأنك أمام نص روائى يغلب عليه الطابع الشعرى، والرؤية الفنية المتميز من المخرجة أنعام محمد على، والتى قامت بتصوير المسلسل بطريقة الأفلام السينمائية استجابة للبطلة فاتن حمامة،
وفى الحلقة الأخيرة، عندما عاد جميل راتب (صلاح أبو رحاب)، بعدما غاب بحجة إجرائه عملية جراحية خطيرة، وقيامه بالتنازل عن كافة ممتلكاته لصالح فاتن حمامة (أبلة حكمت)، جاء المشهد وكأنه يجسد انتصار المبادئ وبقاء الضمير فوق أى شر، وبنبرة مميزة يعترف (صلاح أبو رحاب) بحقيقة غيابه ومحاولته استغلال اسم (حكمت) ناصع البياض كـ"كبش فداء" من أجل هروبه من قضايا تهرب ضريبى فى عدد من البلاد، قبل أن يعود نادما وقرر بـ"صحوة ضمير" أن يمنع جريمته بحق (حكمت) ويتحمل نتائج طريقه الذى اختاره من سنوات طويلة.
وبالطبع فإن (حكمت) رفضت الإغراءات واختارت الإجابة بـ لا للإغراء، وذلك كى تحافظ على مبادئها وضميرها الذى لا يحيد عن الحق عنه، وقد دفعت ثمن ذلك بعدم ترقيتها إلى درجة وكيلة وزارة، إلا أن الحق أراد تكريمها على مواقفها بتولى مدير المكتب الإقليمى لليونسكو، وتحويل اسم مدرستها (العلم الرفيع) كى تحمل اسمها.