يعرف الجميع الشيخ الصوفى الكبير ابن عربى، ويأخذ الكثيرون قوله على محمل الرمز، ومن ذلك ديوانه الشهير ترجمان الأشواق، والذى لا يعرف البعض أنه كتبه فى مدح امرأة هى نظام بنت الشيخ أبى شجاع بن رستم الأصفهانى التى عرفها فى مكة سنة 598 هـ عندما قدم إليها لأول مرة قادما من المغرب.
يقول ابن عربى عن سبب تأليف الديوان "إنى لما نزلت مكة سنة خمسمائة وثمان وتسعين (1201 م)، ألفيت بها جماعة من الفضلاء، وعصابة من الأكابر الأدباء والصلحاء بين رجال ونساء، ولم أر فيهم مع فضلهم مشغولا بنفسه، مشغوفا فيما بين يومه وأمسه، مثل الشيخ العالم الإمام، بمقام إبراهيم، نزيل مكة البلد الأمين مكين الدين أبى شجاع زاهر بن رستم بن أبى الرجا الأصفهاني، تعالى، وأخته المسنة العالمة شيخة الحجاز فخر النساء بنت رستم".
ويضيف ابن عربى "وكان لهذا الشيخ، بنت عذراء، طفيلة هيفاء، تقيد النظر، وتزين المحّاضر، وتحير المناظر، تسمى بالنظام وتلقب بعين الشمس والبها، من العابدات العالمات السايحات الزاهدات شيخة الجرمين، وتربية البلد الأمين الاعظم بلا مّيْن، ساحرة الطرف، عراقية الظرف، إن أسهبت أتعبت، وان أوجزت أعجزت، وان أفصحت أوضحت. أن نطقت خرس قس بن ساعدة، وأن كرمت خنس معن بن زائدة، وأن وفت قصر السموأل خطاه، وأغرى بظهر الغرر وامتطاه. ولولا النفوس الضعيفة السريعة الأمراض، السيئة الاغراض، لأخذت فى شرح ما أودع الله تعالى فى خلقها من الحسن، وفى خلقها الذى هو روضة المزن، شمس بين العلماء، بستان بين الأدباء، حقة مختومة واسطة عقد منظومة. يتيمة دهرها، كريمة عصرها، سابغة الكرم".
يقول ابن عربى :
أَحَبُّ بِلَادِ الله لِي، بَعْدَ طَيْبَةٍ
وَمَكَّةَ وَالْأَقْصَـى، مَدِينَةُ بَغْدَانِ
وَمَا لِيَ لَا أَهْوَى السَّلَامَ، وَلِي بِهَا
إِمَامُ هُدَى دِينِي وَعَقْدِي وَإِيمَانِي
وَقَدْ سَكَنَتْهَا مِنْ بُنَيَّاتِ فَارِسٍ
لَطِيفَةُ إِيمَاءٍ مَرِيضَةُ أَجْفَانِ
تُحَيِّي فَتُحْيِي مَنْ أَمَاتَتْ بِلَحْظِهَا
فَجَاءَتْ بِحُسْنَى بَعْدَ حُسْنٍ وَإِحْسَانِ
ويقول أيضا :
طال شوقى لطفلة ذات نثر
ونظام ومنبر وبيان
من بنات الملوك من دار فرس
من أجل البلاد من أصفهان
هى بنت العراق بنت إمامي
وأنا ضدها سليل يمانى
هل رأيتم يا سادتى أو سمعتم
أن ضدين قط يجتمعان