فى كتاب "المخلص دوما فنست" العديد من رسائل الفنان الكبير فان جوخ "30 مارس 1853 - 29 يوليو 1890" والتى صدرت ترجمته عن الكتب خان، ويحتوى 265 خطابًا و108 اسكتشات أصلية وصور فى الفترة ما بين 1872 -1890، إعداد ليو يانسن، وهانز لويتن، ونبينكه باكر، ترجمها عن الإنجليزية ياسر عبد الللطيف ومحمد مجدى، تحرير ياسر عبد اللطيف.أنا أشعر بما يفكر فيه أبى وأمى غريزيا بخصوصى (لا أقول عقلانيا).
السبت 15 ديسمبر 1883
إلى ثيو فان جوخ
أخى العزيز:
هناك نفور من احتوائى فى البيت مماثل للنفور من احتواء كلب أشعث كبير، يقتحم الحجرات بأرجله الموحلة ثم إنه شرس جدا. سيقف فى طريق كل شخص، وسينبح نباحا عاليا.
باختصار، هو حيوان قذر.
حسنا جدا، لكن لهذا الحيوان تاريخا إنسانيا، وعلى الرغم من كونه كلبا، فإن له روحا إنسانية من طبيعة سامية المشاعر، قادرة على الإحساس بما يعتقده الناس عنه، وهو مالا يستطيعه كلب عادى.
وأنا باعترافى أنى كلب بشكل ما فأنا أقبلهم على ما هم عليه.
هذا البيت هو أيضا كثير على، وأبى وأمى والعائلة جميعهم صالحون بإفراط (مع عدم وجدود مشاعر مع ذلك) وهم كهنة، هناك العديد من الكهنة. وعليه فالكلب يعرف أنهم لو كانوا ليقبلونه فستكون تلك مسألة تكرم منهم، "بتحمله" فى البيت، ومن ثم فهو سيرى إن كان سيجد لنفسه عشا فى مكان آخر.
ربما كان الكلب ابن الأب فى وقت ما، والأب نفسه تركه فى الشارع كثيرا، حيث أصبح أكثر فظاظة لا محالة، لكن بما أن الأب نفسه قد نسى منذ سنوات ولم يفكر بالفعل عميقا فيما يمكن أن تعنيه الرابطة بين الأب وابنه، فلا شىء يمكن أن يقال.
ثم إن الكلب قد يعض، لو جن جنونه، وقد يجىء دركى القرية إلى الجوار ويطلق عليه الرصاص فيقتله. جميل جدا، كل هذا بالتأكيد حقيقى.
ومن ناحية أخرى فالكلام حراس. ولكن لا حاجة لذلك، فالسلام يسود، ولا توجد أخطار، لا توجد مشاكل، فيما يقولون. وعليه فسوف ألتزم الصمت.
إن الكلب ليأسف فقط لعدم بقائه بعيدا، لأنه لم يكن وحيدا فى البرارى كما كان وحيدا فى البيت، على الرغم من كل الود الذى لاقاه. عن زيارة الحيوان كانت ضعفا أتمنى أن ينساه الناس، وأن يتجنب المر ءالسقوط فيه ثانية.
وبما أنه لا توجد نفقات لدى فى هذا الوقت الذى كنت فيه هنا، ولأننى تلقيت نقودا منك مرتين هنا، فقد دفعت نفقات الرحلة وأيضا دفعت ثمن الملابس التى اشتراها لى أبى لأن ملابسى لم تكن جيدة بما يكفى، وفى الوقت نفسه سددت خمسة وعشرين جيلدرا كنت مدينا بها للصديق رابارد.
أعتقد أنك ستكون راضيا لأن هذا قد تم، كان يبدو غير مكترث.