رغم نداء الرئيس المتكرر.. تجديد الخطاب الدينى "حبر على ورق"

لا يترك الرئيس عبد الفتاح السيسى مناسبة إلا ليجدد نداءه بضرورة تجديد الخطاب الدينى والحث على القيم الأخلاقية، وتقويد السلوك المجتمعى، ولا يمل رأس الدولة المصرية من المطالبة فى كل مؤتمر أو احتفالية تقيمها الحكومة المصرية من تبنى مبادرة لتجديد الخطاب للحد من الأفكار المتطرفة وتبديلها بالفكر الفنى الإبداعى. وفى مؤتمر الشباب السادس الذى عقد مؤخرا بجامعة القاهرة، قال الرئيس السيسى: "انتوا خايفين من إصلاح الخطاب اللى هيضيع الدين، هو انتوا اللى فيه ده فى أكتر من كدة، الإلحاد ده هو الناس اللى اتهزت واتلخبطت نتيجة الحالة اللى احنا فيها، انتوا عاوزين أكتر من كدة". وتساءل السيسى: "الخالق العظيم منزل أديان تهد الدنيا؟، معقول، انتوا عاوزين تعملوا إصلاح لخطاب دينى ولا خايفين لنضيع الدين، أنا قولت الكلام ده كتير، ولا انتوا عاوزين تتكلموا عن قيم أخلاقية، وانتوا مستعدين تقبلوا سلوكيات لا تليق فى السينما والتليفزيون والمسرح وبعدين تقولوا ده إبداع وحرية إبداع، فيه خيط رفيع بينهم". ورغم نداءات الرئيس المتكررة فى ذلك الأمر، وصدور عشرات الكتب فى هذا الشأن، حتى أن العام الأخير وحده صدر عدة إصدارات من دور النشر المختلفة الحكومية منها والخاصة، إلا أنه ربما لم يسمع عنها أحد ولم تهتم المؤسسات الثقافية فى تبنى تلك الإصدارات لخلق حالة مجتمعية تعمل على تغيير الأفكار والسلوكيات المتطرفة، وكأن تلك المنشورات مجرد حبر على ورق. وخلال السطور التالية، نرصد بعض الكتب والدراسات التى تحدثت عن تجديد الخطاب الدينى خلال الشهور الماضية، ولم تلق صدى واسعا أو أهتماما يذكر رغم إنها لكبار المسئولين والمفكرين، ومنها: نحو خطاب عقلانى رشيد كتاب للدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، صدر مطلع يناير الماضى، ضمن منشورات المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، بهدف تقديم خطاب عقلانى رشيد فى الفكر الدينى والمجال الثقافى والعلمى والتربوى لنكسر حالة الجمود الكامنة داخل نفوس كثيرين والإنطلاق إلى فضاء أرحب وأوسع من العلم والفكر والتأمل والتدبر، والاجتهاد والنظر، دون خوف ولا وجل، وبلا أدنى توجس أو تـردد، طالمـا أننا نعرف غايتنـا، ونحافـظ على ثوابتنـا الشـرعية وقيمنا المجتمعية دون إفراط أو تفريط. نحو تأسيس عصر دينى جديد صدر للدكتور محمد عثمان الخشت، رئيس جامعة القاهرة السابق، عن دار "نيو بوك" بالقاهرة، خلال شهر يناير الماضى، عالج فيه موضوعا حساسا، متعلقاً ليس فقط بكيفية تجديد الخطاب الدينى التقليدي، بل بالكيفية التى من خلالها يمكن للمسلمين أن يؤسسوا خطابا دينيا جديدا، ويدخلوا الزمن المعاصر بفاعلية كاملة. تجديد الفكر والخطاب الدينى صدر عن دار "الشروق" للنشر، للكاتب والمفكر المستشار رجائى عطية، فى شهر فبراير الماضى، ويعالج هذا الكتاب، قضية التجديد فى الفكر والخطاب الديني، مُقدمًا بيانًا لمفهوم التجديد وإطاره وفروعه، وما يستلزمه التصدى لهذه الرسالة المهمة، من إلمام عريض باللغة وبعلم أصول الفقه ووسائل استنباط الأحكام من أدلّتها، ليتلاقى مع حقيقة أن الإسلام بنية حيّة تكفل التجديد وتتنادى به. المسلمون بين الخطاب الدينى والخطاب الإلهى صدر عن "النخبة" للنشر والطباعة، يقول الدكتور حسن حماد، أستاذ الفلسفة والعميد الأسبق لكلية آداب الزقازيق، خلال سبتمبر الفائت، ويتناول مراجعة الخطاب الدينى وتغييره وتجديده وتحريره من النصوص والروايات والتفاسير الفقهية التى تبرر كل هذا الكم من فائض العنف والإرهاب الذى أصبح عنواناً للخطاب الإسلامى المعاصر. تجديد الخطاب الدينى صدر عن الهيئة العامة للكتاب، للدكتور أحمد عرفات القاضى، ويحاول المؤلف فى هذا الكتاب عبر فصوله المختلفة تناول قضية الخطاب الدينى من خلال معالجة المشكلات التى طرحت فى هذا السياق ويشمل الفصل الأول الذى يعالج فيه القضية مجموعة من المفاهيم، والتى تشتمل على طبيعة الإشكالية ومعنى التجديد والمصطلحات المستخدمة فى هذا المجال. تجديد الفكر الدينى صدر عن دار بتانة للنشر، للدكتور نبيل عبد الفتاح، الباحث فى شئون الجماعات الإسلامية، الذى يتناول من خلاله مسارات وسبل تجديد الفكر الدينى فى اللحظة الراهنة من تاريخ مصر.