كتاب "فى نقد الخطاب العربى الراهن" واحد من أفضل مؤلفات المفكر سمير أمين، الذى رحل عن عالمنا أمس عن عمر ناهز الـ87 عاما فى فرنسا.
والكتاب يحتوى أربع دراسات تسعى لنقد الخطابات السائدة مصرياً وعربياً وعالمياً، بالتركيز على إظهار التباس المفاهيم المستخدمة فى هذه الخطابات.
ويحاول الكتاب، حسب قراءة نشرتها صحيفة البيان، الدعوة إلى شحذ المفاهيم العلمية التى أدخلتها الماركسية فى تحليل الظواهر الاجتماعية.
عمل الفصل الأول "نقد خطاب الرأسمالية" على إظهار الطابع غير العلمى للمقولات التى روجتها الكتابات السائدة عربياً وعالمياً، المعتمدة على انهيار التجارب الاشتراكية للقرن السابق والانحياز فى صف أطروحة "أبدية" الرأسمالية التى لا بديل لها كما يقال.
وفى الفصل الثانى "خطاب القومية"، أوضح سمير أمين كيف أن القومية تيار سياسى احتل فى المسرح العربى مكان المبادرة فى الستينيات والسبعينيات من القرن الماضى، ونظراً لذلك، اتخذ هذا التيار ألواناً مختلفة، أقل أو أكثر جذرية من حيث علاقته بالإصلاح الاجتماعى والدعوة إلى ممارسة الديمقراطية.
ويقدم الكاتب فى هذا التيار رمزاً للجناح اليسارى الذى يسعى إلى الجمع بين الشعارات القومية، والاعتماد على ما يعتبره "مبادئ التحليل الماركسى" موضحاً المفاهيم الماركسية من جانب، ومظهراً الالتباس فى مقولات خطاب القومية من جانب آخر، منتقلاً إلى تحليل كتاب "مصير الجماعة العربية.. نقد فكر سمير أمين"، لمؤلفه سمير الدين الكيلانى.
وفى الفصل الثالث "خطاب الدين السياسى" أشار الكاتب إلى مقال كاتب باكستانى هو أمين خان، والذى ذهب إلى إثبات وجود التلاقى الموضوعى بين أهداف استراتيجيات الولايات المتحدة (السيطرة العسكرية على الكوكب انطلاقاً من الشرق الأوسط)، وبين ما ترتب عليه من نتائج صعود الإسلام السياسى فى المنطقة،.
الفصل الرابع "ضبط المفاهيم" فيشرح فيه المؤلف أن نقده للخطابات "القومى والإسلامى والسياسى" نقد من اليسار، لذا وجد ضرورة فى توضيح مقولاته النقدية فيما يخص خطاب الرأسمالية السائد؛ ذلك لأن المعارضة القومية والدينية لا تهتم بهذا النقد، وفى نهاية المطاف تقبل عملياً بمبادئ الرأسمالية، معتقداً أن هذا العرض لنقد الخطابات الثلاثة يؤدى بشكل طبيعى إلى العودة لمفاهيم الماركسية وتطويرها.
وفى مناقشة للكتاب أقيمت فى معرض القاهرة الدولى للكتاب عام 2010 أكد علماء اقتصاد أن كتاب "فى نقد الخطاب العربى" للمفكر سمير أمين، يؤكد أن الإسلام السياسى داعم للرأسمالية المتوحشة، ويأتى ذلك لكون الإسلام السياسى يركز على قضية الأخلاق ويبتعد عن أهم المشكلات التى تواجه المجتمع وهى مشكلات الاقتصاد والفقر.
وقال زكريا الحداد، عالم الاقتصاد، إن الكتاب مكون من أربعة أجزاء، وهى الرسمألية، والقوميون العرب، الدين السياسى، وضبط المفاهيم، موضحا أنه بداية يحدد اختلافه مع الكتاب فهو يرى أن الرأسمالية فى حاجة إلى وعى.
وتابع "زكريا"، أن الديمقراطية الغربية مصطنعة، وأن وسائل الإعلام الغربية تعمل على توجيه عقول الشعب الغربى بدرجة كبيرة، وأن الرأسماليين يريدون السيطرة على استقلال الفلاح والقضاء عليه حتى يتم استيراد الخضراوات والفاكهة من الخارج، مشيرا إلى أن الحكومة المصرية تسمع حديث الغرب بشكل مقدس، ولذلك نعيش فى قضية الرأسمالية التى تشبه الأخطبوط وتوظف الأفكار.
وأضاف "زكريا" أن كتاب" فى نقد الخطاب العربى" يلقى اللوم على القوميين العرب، لأنهم لم ينتقدوا ذاتهم وكأنهم يعيشون فى حالة من السلام بدرجة كبيرة.
