الأصولية الدينية، فى جميع الأديان، والتمسك ببعض التعاليم العقائدية دون تفسير عقلي وتحليل مدى ملاءمة ذلك الفكر مع تطور العصور، أدى إلى العديد من جرائم القتل والمذابح باسم الدين، راح ضحيتها على مدى قرون طويلة ملايين باسم الرب، الذى حرم قتل النفس فى كل الأديان!.
فى 24 أغسطس عام 1572م، وقعت واحدة من أسوأ المذابح فى تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، ذبح خلالها ما بين خمسة الآلاف إلى 30 ألف بروتستانتى فرنسى، على يد السلطات الكاثوليكية والمتعصبين من الكاثوليك حيث كان الهدف منها القضاء على البروتستانت تماماً، هى مذبحة سان بارتيليمى.
ففى ذلك اليوم الدموى، دقت أجراس الكنائس فى فرنسا، لكن هذه المرة ليست للصلاة إلى الرب، بينما إشارة للجنود والمتطوعين من الأهالى المتحمسين الذين باتوا ليلتهم ينتظرون تلك الإشارة أمراً صريحا بالبدء فى الفتك بالبروتستانت إلا أنها دقت بوقت مبكر من الوقت المعلوم للصلاة، فشعر البروتستانت بالخطر وهرب بعضهم خارج المدينة أو لجأوا لدى أقاربهم من الكاثوليك إلا أن هؤلاء أيضاً خضعوا للهجوم، ومن لم يستطيعوا الهرب دوهموا فى بيوتهم. وقتلوا بكافة أعمارهم.
وبحسب كتاب "روح الثورات والثورة الفرنسية" لغوستاف لوبون، فأن واقعة سان بارتلمى، لم تكن جرما اقترفه الملك فقط، بل كان جرما شعبيا، فلما قتلت كاترين دي ميديسيس، زوجة الملك هنرى الثانى، فى بارس خمسة من زعماء البروتستانت والتى ظنت أنهم يأتمرون بها وبالملك، وشاع ذلك فى باريس انقش أشراف الكاثوليك والحرس الملكى والجمهور على ما اسموهم الخوارج فقتلوا منهم ألفى نفس، وحذا سكان الولايات الأخرى حذو أهل باريس فى ذلك بعامل العدوى فسفكوا دماء ما يقرب من ثمانية ألاف فى نفس الوقت.
فيما يوضح المفكر الكبير جورج طرابيشى فى كتابه "هرطقات 2: عن العلمانية كإشكالية إسلامية- إسلامية" بأن التى عمت نحو عشرين مدينة فرنسية أخرى غير باريس فى ليلة 23 و24 أغسطس 1572، لقى فيها زهاء ثلاثين ألف بروتستانتى مصرعهم فيها.