كل إنسان يمر عليه عدة أزمات فمنها ما تمر علينا مرور الكرام ومنها ما تترك فينا أثر قد يغير حياتنا راسا على عقب، وهذا ما حدث مع الأديب الكبير محمود أحمد تيمور "1894-1973 م"، الذى تمر علينا اليوم ذكرى رحيله.
محمود تميور ولد فى أحد أحياء مصر القديمة ونشأ فى أسرة عريقة على قدر كبير من الجاه والعلم والثراء، كان أبوه أحمد تيمور باشا واحدًا من أبرز أعلام عصره ومن أقطاب الفكر والأدب، وله العديد من المؤلفات النفيسة والمصنفات الفريدة.
نشأة محمود تيمور بحى درب سعادة الذى يتميز بالأصالة الشعبية، حيث يجمع فائات كثيرة من المجتمع من أصحاب الحرف من كل أنواع الفنون، التى ساعدته منذ صغره فى اكتساب روحه بالأجواء الشعبية، واختزلت ذاكرته بالعديد من صور الحياة الشعبية والشخصيات المختلفة، والتى رسمت بعد ذلك فى أعماله القصصية.
تحولت حياة الأديب محمود تيمور رأسا على عقب عندما اصيب بمرض التيفود، وكانت وقتها يدرس ويتعلم بمدرسة الزراعة العليا، ولكن بعد أن اشتدت عليه المرض وهو لم يتجاوز العشرين من عمره، أجبر على عدم الذهاب للمدرسة ولزم الفراش ثلاثة أشهر.
عندما أصيب بالمرض لم يستسلم ولكن تيمور جعله اداة نافعة واستغل ونومه فى الفراش بالقراءة والإطلاع والتأمل، وعندما سافر إلى سويسرا لاستكمال رحلة علاجه اكتشف فى نفسه انه يميل إلى الأدب فاستكمل أيضا رحلته فى البحث عن المتعة فى القراءة ودراسة الأدب الأوروبى فدرس هناك الأدب الفرنسى والأدب الروسى، إلى جانب إطلاعه فى الأدب العربى، ليخرج بعد ذلك بسلسلة من أعماله الأدبية.
وقد حظى محمود تيمور بحفاوة وتقدير الأدباء والنقاد، ونال اهتمام وتقدير المحافل الأدبية ونوادى الأدب والجامعات المختلفة فى مصر والوطن العربى، كما اهتمت به جامعات أوروبا وأمريكا، ونال إنتاجه القصصى جائزة مجمع اللغة العربية بمصر عام 1947م، وحصل على جائزة الدولة للآداب عام 1950م، وجائزة "واصف غالى" بباريس عام 1951م، ومنِح جائزة الدولة التقديرية فى الأدب عام 1963م من المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب.