"اجعلى شعلتك، يا روحى تتقد، دعينى فى لهيب الصراع أجد جواباً لجوهرك اللغزى، دعينى أفكر وأحيا ألفًا من السنوات وأرمى فيها كل ما لديك، كله وإن لم يكن لديك من سعادة باقية تقدمينها لى فلن يكون فى وسعك أن تزيدى من آلامى" هكذا كان يكتب فريدريك نيتشه، لحبيبته خلال رسائله الأخيرة، قبل رحيله.
وتمر اليوم الذكرى الـ118 على رحيل الفيلسوف والشاعر الألمانى الشهير فريدريك نيتشه، إذ رحل فى 25 أغسطس عام 1900، بعد تعرضه لسكتة دماغية، بعدما أصيب بشلل نصفى فى الجزء الأيسر من جسده، والتهاب رئوى.
لكن صاحب "هكذا تكلم زرادشت" عاش الأعوام الأخيرة من عمره، فى عزلة تامة، واتهمه البعض بالجنون، كان ذلك بعد انتهاء أكثر العلاقات العاطفية عشقا لدى "نيتشه"، والتى تسببت له فى أزمة ربما لم يخرج منها حتى توقف قلبه عن النبض، وعقله عن التفكير، وصعدت روحه إلى السماء.
أما الفتاة التى أحبها الفيلسوف الراحل فهى روسية يهودية عمرها لم يكن تخطى الواحد والعشرين، وتدعى لو أندرياس سالومى، منذ اللقاء الأول وانجذب نيتشه إليها، هذه الفتاة الجميلة التى ربما جعلته يعيد وجهة نظره غير المحبة لليهود، قبل أن تجعله لا يكره شيئا أكثر من اليهود فيما بعد.
التقى نيتشه بسالومى لأول مرة صيف 1882، وكان قد نشر قبلها كتابه "الحكمة الماتعة والتى احتوى بداخله قصيدة "موت الإله"، وأمضى فريدريك بقية أيام الصيف برفقة سالومى وشقيقته إليزابيث، فى ولاية تورينجن الألمانية.
منذ ذلك الوقت تعلق قلب نيتشه بهذه الفتاة الساحرة، وقرر أن يعرض عليها الزواج، لكنها رفضت، وكما ذكرت هى نفسها فيما بعد أنه عرض عليها الزواج فى ثلاث مناسبات لكنها رفضت، بل إنه قبل الأرض من تحت قدميها كى توافق على طلبه، ورغم ذلك لم توافق.
ومع شتاء العام التالى 1883 كانت علاقة نيتشه بسالومى تكتب سطورها الأخيرة، بعدما فارقته وقررت الزواج من تشارلز أندرياس،لكن يبدو أن الهيام كان قد نال من نيتشه، فعاش فى عزلة بعد مقاطعته والدته وشقيقته بسبب سالومى، ففر إلى رابالو، وهناك كتب -فى عشرة أيام فقط- الجزء الأول من كتابه الأشهر هكذا تكلم زرادشت، الذى مزج شعراً قوياً وحساساً مع مبادئ فلسفية مبتكرة وواقعية ونداء إلى نظرة فلسفية، وظل فى عزلته طويلا وسببها نال من المرض، وبعدها بسبعة عشر عاما كاملا كان قد رحل وغادر العالم.