"الفرق بينى وبين الكتاب الآخرين أنهم يضعون على الورق ما رسخ فى رؤوسهم، أى أنهم يهبطون بالأعلى إلى الأسفل.. أما أنا فأناضل من أجل أن أرفع الأدنى إلى الأعلى، أن أدفع بالأدنى إلى مملكة الشمس والأصقاع البعيدة" هذه كانت فلسفة الكاتب الأمريكى الشهير هنرى ميلر المولود فى 1891 والمتوفى 1980 والذى كان كاتبا ورساما أمريكيا ومن أشهر رواياته (مدار السرطان، ومدار الجدى" لكنه لم يعرف أن الروس لهم رأي مغاير فى كتاباته حيث أحرقوا كتابه "ربيع أسود" فى احتفال لهم أحرق أهالى مدينة كراسنودار الروسية كتبا للكاتب الأمريكى هنرى ميلر فى ختام عيد روسى اعتاد الناس فيه حرق دمية من القش ليقولوا وداعاً للشتاء الروسى، حسبما ذكر موقع روسيا اليوم. وجاء فى بيان صادر عن ناشطى جمعية (العالم الروسى) أن حرق كتب ميلر جاء احتجاجا على انتشار قيم العالم الغربى المنحط الذى يقوم بالدعاية للعلاقات الجنسية الحرة ولفكر سدوم وعمورة ولحفز انهيار القيم العائلية.
وكتاب "ربيع أسود" التى احتفل بعض الروس اليوم بحرقه تعبيرا عن فرحتهم باستقبال الربيع وتوديعهم للشتاء، هو الكتاب الثانى فى الترتيب الزمنى من بين مؤلفات هنرى ميلر، فمدار السرطان كان الأول وصدر فى عام 1934 ثم ربيع أسود الذى صدر فى عام 1936 وثم مدار الجدى 1939، بما يعد ثلاثية بصور ما، فـ"مدار السرطان" يحكى فيه ميلر عن حياته فى مدينة نيويورك، ومدار الجدى تحدث فيه عن تجربته فى مدينة باريس، خلال سنوات تسكعه ومحاولة إثبات ذلك كأديب، أما ربيع أسود فهو وسط بينهما، فهو ليس رواية بالمعنى التقليدى للكلمة، وليس سردا تقليديا لجوانب من سيرته الشخصية، بل فصول متفرقة يستعرض فيها ميلر قدرته الكتابية، ويكشف فيه قدرته على تحويل السيرة الذاتية إلى فصول شعرية غاضبة وساخرة مما يفعله المجتمع بمبدعه.
وفى "ربيع أسود"، كما يرى النقاد، كان الفرح لديه باريسيا بامتياز، تدخله سوداوية نيويوركية متى استعاد حياته فى الحى الرابع عشر، حيث رأى "شمس السفلس العظيمة تغرب"، واجداً فيها مستقبل حى البرونكس والعالم الحديث، ومؤكداً أن لا نجوم جديدة فى الأفق، بل كوارث.
والربيع الذى يريده ميللر أسود مسكوناً بتشرده ونومه فى المراحيض، سيقوده إلى إنهاء تلك الرواية بفصل عظيم عنوانه "مهووس المدينة العظمى.