التاريخ: 10 محرم عام 61 هـ الموافق 10 أكتوبر 680م.. المكان: كربلاء.. الحدث: استشهاد الإمام الحسين بن على حفيد النبى محمد (صلى الله عليه وسلم)، بعدما أمطرت ضربات الرماح والسيوف جسده الشريف، ولم يكتفوا بذلك فقاموا بفصل رأس الحسين عن جسده باثنتى عشرة ضربة بالسيف.
يبدو أن نهاية الأخوين كانت واحدة، وأن معاوية ونجله يزيد كانا سببا فى رحيل حفيدى رسول الله، فالحسين بن على ويزيد بن معاوية وبنت إسحاق، كانوا الأطراف الثلاثة فى قضية زادت من الخلاف بين الحسين رضى الله عنه ونجل معاوية بن أبى سفيان، وكأن المنافسة التاريخية بين على ومعاوية، لم تكف قصاص التاريخ فأضاف الناس إليها منافسة أخرى هى وحدها كافية للنفرة بن قلبين متآلفين، وهى قصة زواج الحسين من زينب بنت إسحاق، والذى كان يهواها يزيد هوى أعياه، حسب ما ذكر عباس العقاد.
الرواية يرويها الأديب الكبير عباس محمود العقاد فى كتابه "أبو الشهداء: الحسين بن على" أن زينب كانكانت كما يقال أشهر فتيات عصرها بالجمال، وكانت زوجة لوالى العراق من طرف "الأمويين" عبد الله بن سلام القرشى.
ويسرد "العقاد" عشق يزيد لتلك السيدة الجميلة، وكيف مرض بحبها، وأخفى سره عن أهله، حتى علم أبوه معاوية بن أبى سفيان، ففكر فى حيلة من أجل زواج ابنه من تلك المرأة الجميلة، ففكر فى أن يطلب من زوج زينب بنت إسحاق، عبد الله بن سلام، أن يطلق زوجته من أجل الزواج من ابنته، وهى الحيلة التى وقع فيها بن سلام، وطلق زوجته من أجل الزواج من ابنة الخليفة معاوية، لكن الفتاة، حسب حيلة أبيها معاوية، رفضت إتمام الزواج بحجة أنها لن يكون عندها ثقة فيه.
وحسب كتاب العقاد، بعد أن تمت الخديعة طلب معاوية من أبى هريرة أن يخطب زينب ليزيد، ويقال إن الحسين علم بأمر تلك المكيدة فطلب من أبى هريرة أن يخطب له هو الآخر زينب، بحيث تختار هى أحد منهم (يزيد - الحسين).
وبالفعل ذهب أبى هريرة إلى زينب بنت إسحاق، وعرض عليها أمر الرجلين، لكنها وقعت فى حيرة، واستشارته فى أمرها، وبالتأكيد فضل الرجل حفيد النبى (صلى الله عليه وسلم)، فاختارت المرأة الحسين، وما إن تمت الزيجة، حتى طلقها ابن الإمام على، لتعود المرأة إلى زوجها المخدوع، وهكذا كانت تلك المرأة سببا فى زيادة النزاع والخصام بين الرجلين، وكانت سببا فى زيادة حنق يزيد على الحسين، وأخذ يدبر لمقتله، هو ما تم فى كربلاء يوم عاشوراء عام 61 هـ.
ونص القصة كما يرويها "العقاد" فى كتابه: ولع يزيد بتلك السيدة فمرض زيد بحبها وأخفى سره عن أهله، حتى استخرجه منه بعض خصيان القصر الذين يعينونه على شهواته، فلما علم أبوه – يقصد معاوية بن أبى سفيان- سر مرضه أرسل فى طلب عبد الله بن سلام واستدعى إليه أبا هريرة وأبا الدرداء فقال إن له ابنة يريد زواجها ولم يرض لها خليلا غير ابن سلام، لدينه وفضله وشرفه ورغبة معاوية فى تكريمه وتقريبه، فُخدع ابن سلام بما بلغه وفاتح معاوية فى خطبة ابنته، فوكل معاوية الأمر إلى أبى هريرة ليبلغها ويستمع جوابها، فكان جوابها المتفق عليه بينها وبين أبيها أنها لا تكره ما اختاروه، ولكنها تخشى الضر – تقصد الزواج من رجل له امرأة- وتشفق أن يسوقها إلى ما يغضب الله، فطلق ابن سلام زوجته واستنجز معاوية وعده.. فإذا هو يلويه به ويقول بلسان ابنته إنها توجس من رجل يطلق زوجته وهى ابنه عمه وأجمل نساء عصره.
وكانت تلك الخديعة التى قام بها الثلاثة معاوية ونجله يزيد وابنته، لكى يطلق الرجل زوجته فيتزوجها يزيد، وقيل إن الحسين سمع بهذه المكيدة فسأل أبا هريرة أن يخطب له زينب، وكان الرجل نفسه موكل من يزيد ليخطبها له، فتوجه لها وقال "إنك لا تعدمين طلابا خيرا من عبد الله بن سلام".
فقالت من؟، قال "يزيد بن معاوية والحسين بن على، وهما معروفان لديك بأحسن ما تبغينه فى الرجال".
فاستشارته فى اختيار أيهما فقال لها "لا أختار فم أحد على فم قبله رسول الله، تضعين شفتيك فى موضع شفتيه".
فقالت "لا أختار على الحسين بن على أحدا، وهو ريحانة النبى، وسيد شباب أهل الجنة".
فعلم معاوية بما حدث فقال متغيظا: أنعمى أم خالد رُب ساع لقاعد.
ولم يلبث الحسين فى زواجها حتى طلقها وردها إلى زوجها قائلا "ما أدخلتها فى بيتى وتحت نكاحى رغبة فى مالها ولا جمالها، ولكن أردت إحلالها لبعلها".
ويتم "العقاد" حديثه فى تلك القصة قائلا "فإن صحت هذه القصة وهى متواترة فى تاريخ الثقات، فقد تم بها ما تقص من النفرة والخصومة بين الرجلين – الحسين ويزيد- وكان قيام يزيد على الخلافة يوم فصل فى هذه الخصومة لا يقبل الإرجاء، وكان بينهما كما أسلفنا مفترق طريق".
وربما كان ذلك ما زاد حنقه على الحسين، وأراد أن ينتقم فكان له ذلك عندما قتل حفيد النبى فى معركة كربلاء.