أكد عبد الآخر حماد، مفتى الجماعة الإسلامية، خلال دراسة مقارنة عقدها بين الأديبين الراحلين عباس العقاد ومصطفى لطفى المنفلوطى، بأن روايات الأخير التى طُبعت مترجمة منسوبة إليه كرواية "ما جدولين"، و"فى سبيل التاج" وغيرهما، إنما كان بعض أصدقائه ممن يجيدون الفرنسية يترجمها له، ثم يتولى هو إعادة كتابتها وصياغتها بأسلوب أدبى جميل.
وهو ما فتح جدلا جديدا، حول ترجمات الأعمال الأدبية العديدة التى قدمها المنفلوطى، خاصة من الأدب الفرنسى الذى قدم له عدد من أبرز الروايات، فهل فعلا كان يستعين الأديب الراحل ببعض أصدقائه لترجمة الفرنسية، أم أنه كان يتقن اللغات ومنها الفرنسية؟.
وأكد المترجم الكبير الدكتور أنور مغيث، رئيس المركز القومى للترجمة، أن هناك بعض الأقاويل أشارت إلى ذلك، لكنه لم يستطيع أحد التأكد منها، ولا يستطيع أحد الجذم بذلك، وإن كان من الممكن أن يكون الأديب الراحل كان يستعين بترجمة بعض من أصدقائه ويعيد صياغة الرواية، بطريقته الخاصة وأسلوبه المميز.
وأكد الدكتور أنور مغيث، أن المنفلوطى قدم ترجمة روايات منقولة عن الفرنسية، وكانت ناجحة للغاية، لكن كان يلاحظ فرق الصيغة والتى كان أقرب للكلاسيكية العربية، والسرد العربى الرومانسى كالسجع، وبالتالى لم تكن وافية للغة الأصلية التى نقلت عنها.
ولفت "مغيث" أن ذلك الأمر لا يقلل من مصطفى لطفى المنفلوطى، لأنها مهارة وتجرؤ من الكاتب على النص، وهو ما قام به أيضا من قبل بديع خيرى، مثل مسرحية السكرتير الفنى، التى قدمها على المسرح الفنان الكبير فؤاد المهندس، وكان صيغتها و الأمثال الشعبية المستخدمة فيها، أقرب إلى اللغة، وهو ما يسمى بتمصير النص، موضحا إن ذلك النوع من الترجمة لم يعد موجود إلا من خلال بعض سيناريوهات الأفلام والمسلسلات الدرامية، التى يتم أخذ فكرتها من واقع عمل أدبى غربى.
حديث "مغيث" ربما لا يختلف كثيرا، عن ما ذكره الكاتب محمد ثابت فى كتابه "أروع ما كتب مصطفى لطفى المنفلوطى!!" والصادر عن دار كنوز للنشر عام 2015، إذ أكد أن المنفلوطى انفرد بأسلوب خاص جدا فى كل ما كتب، سواء النثر بكل أطيافه الأدبية، أو الشعر، ولكونه لم يكن يتقن اللغات الأجنبية فقد اشتهر بالاقتباس عن ما تم ترجمته للعربية من الأدب الغربى خاصة الفرنسى، أى ما يمكن تسميته مجازا بـ"ترجمة الترجمة" على حد وصفه.
وأضاف "ثابت" أن المنفلوطى كان يستعين فى ذلك بأصدقائه المتميزين من عشاق الفرنسية ليترجموا له الروايات ومن ثم يقوم هو بصيغتها وصقلها فى قالب أدبى جديد، وكان أسلوبه فى ذلك فذا وغير مسبوق بشهادة الجميع على مر الأجيال وبدليل أن مؤلفاته ما تزال تحظى بالرواج الكبير.