بمناسبة إصدار طبعة جديدة من رواية "أصوات" للكاتب الراحل سليمان فياض (1929- 2015) بعد طبعة كانت قد صدرت عام 2010، نعرض للرواية التى تعد واحدة من أشهر ما كتب فى الأدب العربي، والتى صدرت طبعتها الأولى عام 1972.
والطبعة الجديدة تبدأ بشهادة لسليمان فياض تحت عنوان "قصة القصة"، وفيها يؤكد أنه استند فى كتابتها إلى واقعة حقيقية رآها بنفسه عام 1958 فى إحدى قرى شمال شرق الدلتا.
وهذه القصة رواها من قبل ممدوح فرج النابى قال "إنه فى عام 1958 ذهب سليمان فيّاض لزيارة إحدى مدن الدلتا، وعلى الأخص قرية الشّعراء للقاء صديق هناك، وأثناء تواجده استمع لحكاية حدثت عام 1948 عن ابن من أبناء هذه القرية وفد من الخارج مع زوجته الأجنبية، وقامت نساء القرية بإجراء عملية ختان مريعة لها، بقدر الاندهاش الذى أبداه سليمان فياض للحكاية، إلا أنّه فسّر الواقعة بأنها نوعٌ من الحدّ الذى قامت نساء القرية بتطبيقه ضدّ ما حدث لهنّ من اقتطاع لجزء من جسدهن ومصادرة حقهن فى الحرية، ليكتبها لاحقا فى رواية كاملة".
ويتابع "النابى "أن أرسل يوسف السِّباعى فى عام 1970 سليمان فياض مع وفد مصرى إلى ألمانيا، وهناك بدأ كتابة الخيوط الأولى لحكاية سمعها سابقا، وما إن عاد إلى مصر حتى أخذ فى استكمال الحكاية فكان يذهب إلى كازينو يوم الجمعة فى السّاعة العاشرة ويكتب حتى السّاعة الخامسة عصرًا، وحين يعود إلى البيت يقوم بتبييض ما كتبه، ويظل طوال الأيام الخمسة الباقية فى البيت لتحضير الفصل الجديد، هكذا خرجت رواية "أصوات" كما يقول فى مئة صفحة بعد ثمانى جلسات وكأنّها دفقة شعورية واحدة، يقول عنها المؤلف: «تبدو لى، كُلّما تصفحتها، وكأنّها كُتبتْ فى جلسة واحدة، أو أنّها، كما يقولون، ولدت فى طلقة واحدة".
كما تتضمن الطبعة دراسات عن الرواية لعدد من النقاد منهم جابر عصفور ومحمد بدوى وأبو المعاطى أبو النجا وعلى الراعى وريشار جاكمون وجورج طرابيشى.
والرواية تحكي قصة حامد البحيرى الذى يعود من باريس إلى قريته "الدراويش" التى تتأهب لاستقباله هو وزوجته الفرنسية العائدة معه "سيمون"، وبمجرد وصولهم إلى القرية ينقسم الناس حول "سيمون" ويدخلون فى جولات لا تنتهى من النميمة الريفية حول سلوك "الخواجاية" القادمة من العالم الآخر، تمضى الأيام وتلعب الغيرة الإنسانية والثقافية دورها فى جريمة تودى بحياة "سيمون" وتحمل دلالات عميقة حول المعنى الحقيقى للتواصل الحضارى.