صدر عن دار كنوز المعرفة كتاب "تجديد الخطاب النقدى فى ضوء علم النص" للمؤلفان الدكتور أحمد عفيفى، أستاذ اللغويات بجامعتى القاهرة والإمارات، والدكتورة سها عبد الستار السطوحى، أستاذة الأدب الحديث بكلية التربية جامعة عين شمس.
يشير المؤلفان فى مقدمتهما إلى أن الاتجاهات العلمية الحديثة تؤكد أن مستقبل العلم يتمثل بشكل قوى فى اللجوء إلى الدراسات البينية التى بدأت تغزو العالم فى السنوات الأخيرة، وقد أثر ذلك فى تكوين عقليات علمية متطورة، أكثر شمولا وتكاملا، وأكثر قدرة على البحث عن معارف جديدة، وأكثر إيجابية وتحررا من التخصص الضيق المحدود، وأن التزاوج المعرفى بين العلوم المختلفة فى اللغة والأدب والاجتماع والفلسفة والمنطق والتاريخ والحاسوب والمعجم وعلم الجمال أدى إلى ظواهر علمية جديدة؛ فظهرت اللسانيات الاجتماعية، والحاسوبية، والمعجمية والنصية ... إلخ؛ ومن هنا جاء علم النص الذى بشرت به منظومة التفاعل بين العلوم المختلفة، ليؤسس خطابا نقديا جديدا يرتقى بالنص الأدبى وطرق بنائه، ويكشف عن أسرار نصية لم تكن متاحة من قبل.
اعتمد منهج كتاب "تجديد الخطاب النقدى فى ضوء علم النص" على الجمع بين النظرى والتطبيقي؛ فالنظرى يؤسس للمفاهيم ويؤطرها، ويكشف عن طبيعة المفاهيم الموظفة فى صياغة قضايا البحث. والمعروف فى المنهجيات العلمية أن تحديد المفاهيم شيء أساسى فى قضايا البحث العلمى، أما التطبيقى فدوره البحث عن كيفية تحويل المفاهيم النظرية إلى واقع، أو مناقشة الواقع لإثبات صحة المفاهيم التى تم طرحها من قبل، ومن هنا يأتى النظرى أولا ليكون الواقع التطبيقى تاج الكلام وقمته.
جاء الفصل الأول فى إطار معرفى شمولى حول أهمية علم النص ودوره فى تحديد مفهوم النص والمعايير الحاكمة للنصية، من خلال المعارف الثقافية التى تفرض على القارئ الإحاطة بمضمون هذا العلم ومنهجيته.
وجاء الفصل الثانى تأصيلا لفكرة الثنائيات النصية؛ فكان الحوار عن مفهومها، وكيف انطلقت من أروقة علم النص والدراسات اللغوية الحديثة، لتكون قابلة للتطبيق على الإبداع الأدبى بشقيه الشعرى والنثري.
ثم جاء الفصلان الثالث والرابع تطبيقا على تلك الثنائيات النصية؛ فاقتصر الفصل الثالث على الشعر، وانحصر الفصل الرابع للسرد بشقيه الروائى والقصصى، وكان هذا التقسيم منطقيا؛ حيث يبدو اختلاف التناول بين الشعر والسرد قائما. وقد انتقلنا مع الفصل الخامس إلى الفضاء الروائى لتحديد مفهومه وأشكاله ووظائفه فى حوار لا يخلو من الشمول والإشارة إلى أنواع جديدة لم يهتم بها النقاد من قبل.
ثم جاء الفصل السادس ليكون درسا تطبيقيا شاملا على كيفية توظيف الفضاء الروائى فى رواية مهمة من الروايات الحديثة. وانتقل الحوار فى الفصل السابع حول كتابة القصة القصيرة جدا؛ باعتبارها جنسا أدبيا جديدا؛ فتمت مناقشة أسس كتابتها وجمالياتها وعملية التجنيس التى مازال الحوار دائرا حولها، مستفيدين من نتائج تلك المؤتمرات التى انعقدت حولها فى الفترة الأخيرة فى بلدان مختلفة.
وبعد ذلك جاء الفصل الثامن ليكون تطبيقا واقعيا لمجموعة صنفها مؤلفها على أنها قصص قصيرة جدا، حاولنا أن نكتشف فيها آليات كتابتها، وأسسها الحاكمة لها وجمالياتها. وكان الفصل التاسع الذى اختص بدراسة كيفية توظيف العنوان؛ وذلك ضمن الإطار العام فى دراسة العتبات النصية للشعر؛ ليكشف لنا هذا الفصل، فى درس تنظيرى، عن آليات توظيف العنوان وأهميته ودقائقه وأسراره الدلالية الكاشفة. وأخيرا جاء الفصل العاشر تطبيقا لكيفية توظيف العناوين فى أحد الدواوين الشعرية الحديثة؛ ليكون نموذجا عمليا لاختبار المفاهيم التى تم طرحها فى الفصل السابق.