بين يدى كتاب مهم، من حيث فكرته، ومن حيث الجهد المبذول فيه، وهو كتاب "الموالد القبطية.. دراسة ميدانية فى المعتقدات الشعبية" من تأليف الدكتور القس داود مكرم، والصادر حديثا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، سلسلة الثقافة الشعبية.
الكتاب يلقى الضوء على أعياد الأخوة الأقباط من الناحية الدينية والاجتماعية، وهو ما يحتاج تفصيلا طويلا لأنه حافل بالمعلومات المهمة التى اشتغل عليها القس داود مكرم، وقدم لها تحليلا وافيا، لكن قبل الحديث عن هذه النواحى، نشير إلى نقطة تاريخية مهمة هى عدد الأقباط فى مصر، والتى تحدث عنها الكتاب تحت عنوان "تعداد الأقباط".
يقول الكتاب، أثارت قضية تعداد الأقباط فى مصر جدلا كبيرا فى الأوساط الرسمية والدينية، فهناك من يغالى فى تقدير عددهم، ومنهم من يبالغ فى إنقاصه، فالإحصائيات الرسمية تذهب إلى أرقام، وترى الكنيسة أن أعدادهم تفوق هذه الأرقام بكثير، هذا بالإضافة إلى أن كلمة المسيحيين فى التعدادات الرسمية تشير إلى تعداد الأقباط والمسيحيين الأجانب معا، مما يوضح افتقار هذه التعددادات إلى الصدق، فغاية ما تظهره هذه الإحصائيات أن الأقباط يمثلون أقلية عددية بالنسبة إلى المسلمين.
ولم تقتصر المحاولات التى بذلت لإحصاء عدد الأقباط على التعدادات الرسمية العشرية، فقد انتهى التعداد الذى قام به علماء الحملة الفرنسية إلى أن سكان مصر يبلغون مليونين ونصف المليون، وقد ذكر بعض الكتاب أن عدد الأقباط عند الاحتلال الفرنسي لم يكن يزيد عن مائتي ألف، وقدر عدد السكان فى عهد محمد على بأربعة ملايين ونصف المليون، ويقدر كلود بك عدد الأقباط في تلك الفترة بمائة وخمسة وخمسين ألف نسمة، ويرى إدوارد وليم لين فى عام 1833 أن نسبة الأقباط آنذاك تقل عن 1 إلى 14 من مجموع المصريين وأن عددهم لا يزيد عما يقرب من مائة وخمسين ألفا، ويمثل هذا الرقم نحو 7% من عدد سكان مصر.
وعندما انتظمت الإحصاءات الرسمية أظهر إحصاء عام 1907 أن عدد المسيحيين يبلغ 882 ألفا بنسبة 7.9% من التعداد الكلي للسكان، وأظهر إحصاء عام 1976 أن عدد المسيحيين فى مصر يبلغ 2 مليون و285 ألفا و620 بنسبة 6.7% من المجموع الكلى لعدد السكان البالغ وقتئذ 37 مليونا 543 ألفا، وترى بعض المصادر الكنسية أن عدد المسيحيين فى مصر 1975 يبلغ 6 ملايين 844 ألفا و900 بنسبة 18% من المجموع الكلى للسكان.
أما التعداد الرسمى لعام 1986 فقد قدر عدد المسيحيين بـ2 مليون و868 ألفا و139 من إجمالى عدد السكان البالغ 48 مليونا و254 ألفا و238 أى بنسبة 5.9% من إجمالي عدد السكان.
وينتهى الكاتب فى ههذه النقطة إلى أنه أيا كانت درجة الصدق التى تتمتع بها الإحصائيات الرسمية، فإن كل المحاولات التى سعت إلى حصر عدد الأقباط تفتقر إلى الصحة والصدق، كما أنها محاولات اجتهادية سواء من جانب الأفراد أو الهيئات أو الكنيسة.