فى حياة أديب نوبل الراحل نجيب محفوظ، عدد من المواقف الطريفة، التى احتفظ بها محبوه، وسردها فى حوراته مع عدد كبير من أصدقائه، والتى دائما ما تخرج بعفوية شديدة، وبشكل غير متوقع ما يزيد من فكاهتها، ومن بينها تلك اللحظة التى علم فيها بفوزه بجائزة نوبل فى الآداب عام 1988، والتى تعد بمثابة اللحظة الأهم فى حياة نجيب محفوظ والأدب العربى.
وتمر اليوم الذكرى الثلاثون على إعلان الأكاديمية السويدية للعلوم، الجهة المانحة لجائزة نوبل العالمية، فوز الأديب المصرى نجيب محفوظ، بجائزة نوبل فى الآداب لعام 1988، ليكون أول أديب مصرى وعربى يفوز بالجائزة.
ورغم أن هذه اللحظة من أهم اللحظات فى حياة صاحب الثلاثية، لكن فيما يبدو أنه لم يكن يتوقعها أبدا، والدليل هو استقباله للخبر بعفوية وخفة دمه المعهودة ما خلقت موقف طريفا لايزال يتذكره جميع محبوه حتى الآن، بعدما رد الأديب الكبير على زوجته حين أبلغته الخبر قائلا: "كفاية أحلام بقى.. سبينى أنام".
وذكر عن الأديب بعض المواقف الطريفة، خاصة بيوم إعلان فوزه بنوبل فى الآداب، حيث يذكر الناقد الكبير رجاء النقاش فى كتابه "صفحات من مذكرات نجيب محفوظ" ما ذكره أديب نوبل حيث قال "تناولت الغداء ودخلت غرفة النوم لأستريح، ولم تمض سوى دقائق معدودة إلا وجدت زوجتى توقظنى من النوم فى لهفة "قوم.. قوم.. الأهرام اتصلوا بيك وبيقولوا إنك أخذت جائزة نوبل".
وتابع "محفوظ": "فاستيقظت وأنا فى غاية الغضب معتبرا كلام زوجتى مجرد هلوسة خاصة بها، لأنها منذ عدة سنوات سابقة، وهى دائمة الحديث عن جائزة نوبل وأحقيتى فى الفوز بها، وكانت أقول لها إننى أرجوها أن "تعقل" وتفهم أن جائزة نوبل ليست سهلة المنال، كما أننى لا أفكر فيها.
واستطرد محفوظ: "وفيما أتحدث مع زوجتى دق جرس التليفون، وكان المتحدث الأستاذ محمد باشا الصحفى بالأهرام، وبادرنى بالتهنئة: "مبروك يا أستاذ"، فرددت عليه: "خير إن شاء الله"، قال لى إننى فزت بجائزة نوبل، فلم أصدقه، فأعطى سماعة التليفون إلى الأستاذ سلامة أحمد، مدير تحرير الأهرام، الذى حدثنى بصوت تملؤه الفرحة: "مبروك يا أستاذ.. شرفتنا"، "جاءتنا نتائج جائزة نوبل وأنت فزت بجائزة الآداب".
وعلق محفوظ على هذا الموقف: "حتى تلك اللحظة كنت أظن أنها مجرد دعابة من الأستاذ محمد باشا، وأنه ربما أراد أن يدبر مزاحا باردا، واستعان بأى شخص بجانبه يمكنه تقليد صوت الأستاذ أحمد سلامة.
وأضاف صاحب الثلاثية دق باب الشقة، وفتحت زوجتى الباب وهى بملابس المطبخ، ودخل رجل طويل، ومعه مجموعة من المرافقين، فنهضت من فراشى، إلى الصالة مرتديا "البيجامة" ونظرت إلى الرجل الذى حسبته فى البداية صحفيا، وفوجئت بأحد مرافقيه يقدمه لى: "سعادة سفير دولة السويد وحرمه"، مشيرا إلى أنه أعطاه هدية رمزية عبارة عن قدح من البنور، واستأذن منه وقتها ودخل غرفته لارتداء بدلة، لأنه تاكد أن المسألة جد.
الكاتب الصحفى محمد شعير فى كتابه الصادر حديثا "أولاد حارتنا.. سيرة الرواية المحرمة" يروى أن الأديب الكبير كانت معه حزمة بصل أخضر بناء على نصيحة صديقه المخرج توفيق صالح بأنه مفيد لمرضى السكرى، وبعدما تناول غداءه دخل لاختلاس قيلولته المعتادة، عندما اتصل محمد الباشا الصحافى في الأهرام بزوجته السيدة عطية الله زافًا إليها خبر فوزه بنوبل، فلما حاولت إيقاظه وإبلاغه رد عليها ساخرًا "كفاية أحلام بقى.. دعينى أنام"! وما هى إلا دقائق حتى امتلأ البيت بوكالات الأنباء والكاميرات والمراسلين من كل دول العالم وجاء السفير السويدى للتهنئة رسميًا، فظل ذهن محفوظ مشغولًا بالبصل الأخضر واضعا يده على فمه أثناء لقائه بالسفير!.