التاريخ العربى حافل بالكثير من الشخصيات المهمة، الذين كانوا فى أيامهم يملأون الدنيا ويشغلون الناس ومن هؤلاء المغربى عبد الله بن عائشة الذى كان قرصانًا ثم أصبح واحدًا من أشهر الدبلوماسيين فى العالم.
ولد عبد الله بن عائشة فى منتصف القرن السابع عشر، وعمل فى فترة من حياته قرصانًا وكان مجال عمله بالقرب من فرنسا وإنجلترا كان يتعمد السفن الأوربية المتوجهة والعائدة من القارة الأمريكة، وفى سنة 1680م سقط أسيرًا فى قبضة سفينة إنجليزية.
وفى بريطانيا ظل بن عائشة فى السجن نحو 3 سنوات، وكان معروفًا، حسب الكتب الأجنبية بالذكاء الشديد، المهم أن الظروف أرسلت له جيمس أخو تشارلز الثانى والذى تدخل لإطلاق سراحه، وهذه الفترة التى قضاها فى بريطانيا جعلته على معرفة واسعة بعادات المجتمع الأوروبى.
أما أول أعماله الدبلوماسية فقد حدثت بعدما أصبح جيمس الثانى ملكًا، حيث توجه ابن عائشة باسم السلطان المغربى مولاى إسماعيل إلى إنجلترا لتهنئته.
لكن مجد ابن عائشة وشهرته جاءت بسبب ما حدث فى فرنسا، فبعدما تم عقد هدنة بين فرنسا والمغرب فى يوليو 1681، تم تشكيل سفارة مغربية فى فرنسا يقودها الحاج محمد تميم وأخرى سنة 1685م لكن الأمور لم تسير كما كان مخططا لها، وترتب عن ذلك أن قطعت فرنسا والمغرب علاقتهما التجارية.
لكن بعدما صادق السلطان على معاهدة هدنة مع لويس الرابع عشر لمدة ثمانية أشهر، تم تعيين ابن عائشة على رأس السفارة المغربية فى فرنسا، وحمل السفير رسالة اعتماده، وفيها يلقب السلطان ابن عائشة بـ "قبطان البحر" وذلك فى 17 أكتوبر 1698.
حاول الملك لويس الرابع أن يحيل ابن عائشة إلى بعض رجال دولته لمفاوضته، دون أن يستقبله، ولكن ابن عائشة احتج بشدة ورفض أن يبدأ أى مفاوضات قبل أن يتم استقباله من طرف الملك، وقد حدث ذلك.
وصل عبد الله بن عائشة إلى باريس وفى قصر فرساى وقف يرتدى لباسه المغربى، وألقى خطبته باللغة العربية أمام لويس الرابع عشر، ثم ترجم خطابه إلى الفرنسية من طرف دولاكروا. فأدهش الفرنسيين بطريقة حواره ونقاشه ودفاعه عن الإسلام.