عاش العرب المسلمون فى الأندلس أكثر من ثمانمئة عام، لكن بعد ذلك استطاعت أوروبا المسيحية أن تتفوق عليهم وتنتصر وتعود البلاد إلى مسيحيتها مرة أخرى، لكن ظلت هناك مشكلة اسمها الموريسكيين وهم الذين رفضوا الخروج وفى الوقت نفسه يحتفظون بدينهم الإسلامى، وقد ظل حكام إسبانيا يضيقون عليهم ويسعون طول الوقت إلى طردهم، وفى هذه الظروف ظهر محمد بن أمية.
كانت إسبانيا تجبر أطفال الموريسكيين على التعميد فى الكنيسة لذا كان اسمه المسيحى هو فيرناندو دى بالور، لكن التاريخ يحفظ له اسمه العربى محمد بن أمية، عاش فى الفترة بين (1520 ـ 1569) وقد قاد ثورة مسلمى الأندلس ضد الملك فيليب الثانى، والتى عرفت بحرب البشرات.
واستمرت حرب البشرات فى الفترة بين عامى (1568 - 1571) وبدأت عندما نقض الملك فيليب الثانى، معاهداته مع المسلمين الموريسكيين بقصد إشعال فتنة يتخذها ذريعة لطردهم من جنوب إسبانيا، حيث أصدر مرسومًا يفرض على المورسكيين نبذ أسمائهم العربية وزيهم المورسكى التقليدى، بل ويحرم التحدث بالعربية، ويجبر المسلمين على تسليم أطفالهم إلى قساوسة مسيحيين لتنشئتهم على الدين المسيحى.
وبالفعل اندلعت ثورة إسلامية مسلحة خطط لها فرج بن فرج (سليل بنى الأحمر، آخر من حكموا غرناطة من المسلمين) ومحمد بن عبو .
وفى ليلة عيد الميلاد سنة 1568، اجتمع سرًا ممثلون عن مسلمى غرناطة والبشرات وغيرهما وأعلنوا تبرؤهم من المسيحية، وبايعوا "فرناندو دى بالور" ملكا لهم، واختار اسم ابن أمية كونه ينحدر من سلالة أموية، فتلقب به.
ويومها خطب ابن أمية فى الناس يقول "لقد أصبحنا مطرودين من رحمة الجميع، فلا النصارى يعاملوننا كنصارى، ولا المسلمون ينظرون إلينا كإخوان لهم ويساعدوننا، فلا يكلمنا أحد، ولا يعاشرنا أحد. يمنعوننا من أن نتكلم لغتنا، ونحن لا نعرف القشتالية، وبأى لغة يا ترى يمكن أن نتفاهم ونتعامل مع الناس، إنهم يمنعوننا أن نخاطب حتى الحيوانات بلغتنا، يعلمون أبناءنا فنونا قد حرم كبراؤنا منها، ويجعلون من يتبع القانون جريمة، وكل ساعة يهددوننا وينزعون أبناءنا من أيدى أمهاتهم وآبائهم، ويرسلونهم بعيدين عنا لينسوا نوع المعيشة التى نعيشها ويتعلمون بأن يصيروا أعداء لآبائهم، ويعلمونهم فى مدارسهم، ويمنعون حتى لباسنا العربى، ويجبروننا على استعمال اللباس الفرنجى مع أنهم يلبسون ألبسة مختلفة، فالألمانى والفرنسى يتزيى بزيه، والرهبان والشباب والشيوخ كل واحد بزيه الخاص، وكلهم نصارى، ونحن الموريسكيون نحتفظ بعقيدتنا فى القلب لا فى اللباس".
اتخذت الانتفاضة التى قادها ابن أمية شكل حرب عصابات ضد القوات القشتالية فى جبال البشرات، وتزايد عدد الثوار من أربعة آلاف رجل سنة 1569 إلى 25 ألف رجل فى العام التالى.
وفى أثناء هذه الحرب وقع والد وأخ ابن أمية فى الأسر، فأرسل ابن أمية رسالة إلى خوان النمساوى يعرض فيها تسليمهما له مقابل ثمانين أسيرا مسيحيًا، وإلا انتقم من المسيحيين الذين تحت سلطته. فاتفق المجلس الحربى فى غرناطة على عدم الإجابة، وأرغموا والد ابن أمية بالكتابة لابنه ناهيًا إياه عن متابعة الثورة ونافيا أية إساءة أو تعذيب.
وفى المقابل كان بعض أتباع ابن أمية لا يحبونه ومنهم دييغو الوزير أخ زوجة ابن أمية، فأخذوا يبثون الشك بين ابن أمية والمتطوعين القادمين من الجزائر، ودفعوا أحد أهم قواده وهو محمد بن عبو لتصديق شائعة حول نية ابن أمية مهادنة الإسبان لتحرير والده وأخيه. واعتقد المتطوعون أن ابن أمية قد خان، فقرروا عزله وإعدامه دفاعا عن الثورة.
وسار ابن عبو والمتطوعة الأتراك إلى مقر ابن أمية فى لوشر وسجنوه فى غرفة وكلفوا بحراسته دييغو الوزير ودييغو أركش، كاتبه، اللذين قتلاه خنقًا فى ليل 20 أكتوبر 1569.