المؤرخون للمجتمع العربى ينقسمون عادة إلى قسمين فى شأن التعامل مع النساء، فريق يذهب إلى أن القدماء تجاهلوا المرأة تماما، وعندما ذكروها فعلوا ذلك ليقللوا منها، وفريق يذهب إلى المفكرين الفقهاء قديما شغلتهم المرأة لبيان حقوقها وواجباتها، وأنهم ترجموا وأرخوا لحياة الكثيرات من النساء فى الإسلام.
واعتمادا على كتاب "بعد إذن الفقيه.. الحرام والحلال فى أمر النساء والطفولة والكتابة والطعام" لـ رشيد الخيون، فقد شغلت المرأة الأقدمين فراحوا مصنفين فى أحكامها وجمالها وآدابها، فمن الكتب الفقهية المتقدمة "أحكام النساء" لأحمد بن حنبل، و"أحكام النساء" لابن الجوزى، ومن كتب الفقه المتأخرة "أحكام المرأة فى الفقه الإسلامى" لأحمد الحجى الكردى.
ومن أبرز الكتب والرسائل فى نساء النخبة، زوجات وجوار من أمهات الأولاد والمحظيات من القيان نجد كتاب "أمهات الخلفاء" للإمام ابن حزم الظاهرى، و"جهات الخلفاء من الحرائر والإماء" لابن الساعي الشافعي، و"أخبار النساء" وقد استخرج من موسوعة العقد الفريد لابن عبد ربه، و"الإماء الشواعر" وربما استخرجه النساخون من أغانى أبى الفرج الأصفهانى.
كما أن الجاحظ كان له قبل كل هؤلاء اهتمام بالنساء ومما كتبه فى ذلك "رسالة فى الجوارى والغلمان" ومن الكتب الشهيرة أيضا عن النساء "كتاب نواضر الأيك" للإمام جلال الدين السيوطي، وكتاب طوق الحمامة فى الإلف والإيلاف لابن حزم.
وربما أول من خص سير النساء بترجمات وافية كتاب الواقدى ابن سعد "فى الطبقات الكبرى" حيث ترجم لنساء الرسول ونساء الخلفاء والصحابيات المهاجرات والأنصاريات، وشغلت سيرهن الجزء الثامن من الكتاب، كما اهتم ابن الجوزى ضمن موسوعته "صفوة الصفوة" بسير الزاهدات والمتصوفات بينهن أخوات المتصوف بشر الحافى.
أما ثقافة النساء فكانت عين اهتمام كاتب "بلاغات النساء" ابن طيفور، والذى تضمن جمهرة كبيرة من أدباء نساء العامة والخاصة، كنماذج من خطبهن وشعرهن وطرائفهن.
أما الخطيب البغدادى الشافعى فلم يشأ أن يترجم لنساء بغداد فى كتابه "تاريخ بغداد" على الرغم من كثرة الزاهدات والفقيهات وربات القصور، إلا أن الذين ذيلوا الكتاب تجاهلوا تحسس البغدادى من النساء فترجموا لأكثر من ستين بغدادية.
وتأخرت المرأة رغم ولوجها فى الشأن الثقافى من الاتفات إلى تاريخ بنات جنسها، لكن ممن فعلن ذلك زينب فواز العاملى، والتى كانت أول من صنفت فى طبقات النساء بكتابها "الدر المنثور فى طبقات ربات الخدور" لشهيرات العالم، تبعتها نظيرة زين الدين بتأليف كتاب "السفور والحجاب".