نشر الموقع الرسمى لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، رسالة كتبتها المديرة العامة للمنظمة إيرينا بوكوفا، بمناسبة يوم الشعر العالمى والذى يتم الاحتفال به اليوم 21 مارس.
وجاء نص الرسالة الذى نشرها الموقع:
"كتب ويليام شكسبير، الذى رحل عن هذا العالم قبل ٤٠٠ عام، فى مسرحيته "حلم ليلة فى منتصف الصيف: وأما الشاعر فهو فى نوبات جنونه ينقل بصره بين السماء والأرض، ومن الأرض إلى السماء، فتصور له مخيلته أشياء أشكال أشياء غير معروفة أو مألوفة، ويستطيع بقلمه أن يجسدها، وأن يخلق من لا شئ شيئاً يسميه".
وتنوه اليونسكو بقيمة الشعر باعتباره رمزا لإبداع العقل البشرى إذ تشيد بالرجال والنساء، الذين لا يملكون سوى أقلامهم وألسنتهم للتعبير عن أفكارهم وآرائهم وخواطرهم. ويساهم الشعر فى توسيع آفاق إنسانيتنا المشتركة، ويساعد على تعزيزها وترسيخها ويجعلها أكثر تضامنا وإدراكا لكينونتها، إذ يرى الشاعر فى هذا العالم مالا يراه سواه فيصفه ويصوره ويسميه، يرى الشاعر ما لا يسبر غوره من آيات الجمال المحيطة بنا التى يمر بها سواه مرور الكرام، ويرى ضروب المعاناة الهائلة وأصناف البؤس الشديد التى لا يكترث لها غيره.
وتساهم الأقلام التى تنظم الشعر والأصوات التى ترويه أو تلقيه، فى إبراز قيمة التنوع اللغوى وحرية التعبير وتعزيزهما. وتساهم أيضا فى المساعى العالمية الرامية إلى تعليم الفنون ونشر الثقافة. وتكفى قراءة كلمة واحدة من قصيدة أحيانا، لاستعادة الثقة بالنفس والتمكن من الصمود فى مواجهة الشدائد والبلايا، واستعادة الأمل والابتعاد عن اليأس والقنوط والتقاعس عن التصدى للوحشية والهمجية.
وفى هذا العصر الحديث الذى يطغى عليه استخدام الآلات فى مختلف جوانب الحياة، وكذلك سعى الناس إلى الحصول على كل شيء فى طرفة عين، يتيح الشعر إيجاد حيز لنوازع الحرية والمغامرة المتأصلة فى النفس البشرية.
وتملك كل ثقافة فنون الشعر الخاصة بها وتتخذها وسائل لنقل المعارف والقيم الاجتماعية الثقافية والذاكرة الجماعية التى تعزز الاحترام المتبادل والتلاحم الاجتماعى والجنوح إلى السلم؛ سواء أكان ذلك أغنية "أريرانغ" الكور ية، أم أغانى "بيريكوا" المكسيكية، أم أناشيد "الهدهد" الخاصة بشعب الإيفوغاو، أم رقصة العرضة السعودية، أم أناشيد "غوروغلى" التركمانية، أم فن "آيتيش" القيرغيزى، وإننى لأحيى هذا اليوم الشعراء والممثلين والرواة وكل أولئك الأشخاص المجهولين الذين وقفوا حياتهم على الشعر ونذروا أنفسهم له، ينظمونه أو يروونه أو يلقونه بعيدا عن الأضواء أو فى المحافل المشهودة، وفى الحدائق أو فى الشوارع. وأدعو الدول الأعضاء كافة إلى دعم هذه المساعى الشعرية التى تستطيع الجمع بيننا بغض النظر عن الأصول والمعتقدات بفضل أسمى ما فى النفس البشرية".