قال الشاعر السورى الكبير أدونيس، إن تجزئة الهوية فى العالم العربى الإسلامى يتحول إلى دمار يكاد يكون شاملاً، كما أشار إلى أن الشعر العربى حينما يترجم يفقدالشعر العربى موسيقى اللغة والصور التى تثيرها.
جاء ذلك خلال احتفاء مجلة بانيبال، بالشاعر السورى الكبير أدونيس، فى أمسية لمناقشة أعماله الأخيرة "كونشيرتو القدس"، والتى ترجمها خالد متى، وذلك فى المركز العربى البريطانى، ونشرت المجلة تقريرا عنها اليوم، عبر موقعها الإلكترونى.
وذكر محرر مجلة بانيبال أن أدونيس أزعج الحضور فى عرض مدته 45 دقيقة، عبر خلاله عن رأيه فى تحديات الترجمة، إذ رأى أن "الترجمة تكمن فى أسس النهضة الأوروبية، وكانت أول لبنة فى الانفتاح فى هذا العصر". وقد مهد المترجمون فى بغداد الطريق لهذا العصر من خلال ترجمتهم للفلسفة اليونانية إلى العربية، لا سيما أعمال أفلاطون وأرسطو، قال أدونيس.
وجادل أدونيس بحماسة حول أهمية الترجمة فى عصر حديث حيث "على الرغم من كل شيء - التكنولوجيا - تكنولوجيا الأشياء وتقنيات العولمة - قد فعلت فى سبيل التقريب بين الناس، فإن الاختلافات تبقى واسعة وعميقة".
وقال أدونيس إن الهوية البشرية هى "بُعد وجودى رأسى" ولكن لسبب أو آخر، ساعدت التكنولوجيا على إخفاء هذا، مضيفا: "يعرف البشر الآن كيفية استخدام الأفق، لكنهم جاهلون أكثر حول معرفة كيفية فتح الأفق البشرى الذى يسير جنباً إلى جنب مع العمق".
كما رأى أدونيس أن الترجمة تخلق "وقتًا ثقافيًا عالميًا يتعرف فيه الناس على بعضهم البعض، وفيه تكتشف كل لغة وجودها الإبداعى بلغات أخرى". إنها "شكل آخر من أشكال الخلق، ومن ثم فهى فعل ثقافى لا مفر منه. يفهم الناس أنفسهم جيدًا فقط لدرجة أنهم يفهمون الآخرين جيدًا، لذلك فإن ترجمة الأشخاص الآخرين هى طريقة مثالية لاكتشاف الذات، أما الآخر فلم يعد مجرد شخص يتحدث ويتفاعل. يتجاوز ذلك، ليصبح واحدا من العناصر التى تشكل الذات.
كان أدونيس مدمرًا بشكل مميز فى انتقاده للحالة الراهنة للسياسة والثقافة العربية، حسما يصف تقرير مجلة بانيبال، إذ قال "إن تجزئة الهوية فى العالم العربى الإسلامى تتحول إلى دمار يكاد يكون شاملاً، حيث يقتل الجيران جيرانهم ويتحول الأصدقاء إلى أعداء، ويتوجه بعض الأشخاص إلى أصدقائهم الأجانب لاحتلال بلادهم والسيطرة عليها وتقديمهم لإرادتهم".
فى الجزء الثانى من محاضرته، ركز أدونيس على "شكل الترجمة الأكثر صعوبة والأكثر تعقيدا والأذواق والآراء التى قد تختلف أكثر، وكذلك الشكل الذى أعتقد أننى أعرف أكثر عن - أعنى ترجمة الشعر، خاصة، على أقل تقدير، الشعر هو نقطة عالية فى التراث الثقافى العربى".
أزمة ترجمة الشعر العربى
ووصف أدونيس ترجماته لشعراء آخرين بأنها "طريقة أخرى لكتابة الشعر بالعربية. أفضل أن أقول إننى لم أترجم هذا الشعر بقدر ما رحبت به فى بيتى، وفتح ذراعى اللغة العربية له". التحدى هو أنه "فى الترجمة، يفقد الشعر العربى موسيقى اللغة والصور التى تثيرها. إنه يفقد الإيقاعات الفريدة، التى لا يمكن تكرارها من خلال إيقاعات أى لغة أخرى".