تمر اليوم الذكرى الثانية والخمسون على رحيل المفكر والمؤرخ الكبير عبد الرحمن الرافعى، إذ غاب عن عالمنا فى 3 ديسمبر من عام 1966، عن عمر ناهز 77 عامًا.
المثير أن يوم رحيل المؤرخ الكبير، يأتى بالتزامن مع ذكرى إجراء محاكمة الزعيم الراحل أحمد عرابى، والتى جاءت فى يوم 3 ديسمبر 1882، وذلك على خلفية معارضته بعض السياسات الخاصة بالخديو توفيق، حاكم مصر من الأسرة العلوية فى ذلك الوقت.
خلال عدد من مؤلفات المؤرخ الراحل، تناول الثورة العرابية وزعيمها أحمد عرابى، وكيف جرت الأحداث، ووقائع محاكمته ومنفاه إلى الخارج، لمعارضته الإنجليز، البعض يرى أن عبد الرحمن الرافعى تحامل على الزعيم أحمد عرابى، وحمله نتائج فشل سياسات الخديو توفيق، فهل كان المؤرخ الراحل يكره "عرابى" وهل تعاطفه مع الزعيم مصطفى كامل، سببًا فى ذلك التحامل.
الكاتب عبد الرحمن الرافعى، فى كتابه "الثورة العرابية والاحتلال الإنجليزى" تحدث عن الزعيم وحياته وعلق ببعض الأوصاف عن فكره وعسكريته، فقال "كان ذكاؤه محدودًا، وكان على جانب كبير من الغرور، والاعتداد بالنفس، وكان يعول كثيرًا على أقوال المنجمين والعرافين، وهذه جوانب صعف كبيرة فى شخصيته"، على حد تعبيره.
وعن حركة عرابى الثورية كتب الرافعى: "تولى عرابى مهمة سياسية خطيرة، لأن قيادة الثورة هى عمل سياسى قبل شىء، على حين لم يكن له من الاستعداد السياسى ما يجعله أهلا لقيادته والسير بها إلى النجاح، وكل ما ميزه هو لسان زلق، وصوت جهورى، وخطيبا لبقا فصيحا".
العديد من المراجع التاريخية، تشير إلى المؤرخ الراحل، نشأ متأثر بالحركة الوطنية، والتى كانت فى حالة نمو واضح، بقيادة الزعيم مصطفى كامل، وكان معجب بأفكارهم، حتى إنه كان من أوائل من التحقوا بالحزب الوطنى الذى أنشأه الأخير، وكما يذكر كتاب "تاريخ الوفد" فإن الحزب الوطنى نشأ معاديا للثورة العرابية، وهو موقف الخديو عباس، الذى كان معاديا لأحمد عرابى، والشيخ محمد عبده، وسعد زعلول، والأخير كان يكتب فى جريدة الوقائع المصرية مؤيدًا لعرابى وللثورة العرابية، بل إنه قام بدور سرى مهم فى نقل أخبار الجبهة الوطنية المصرية، فيما يشدد كتاب "مصطفى كامل" للكاتب نشأت البديهى، على العلاقة الودية بين مصطفى وعبد الرحمن الرافعى، والتى رغم قوتها إلا أنها لم تسمر طويلا بسبب رحيل الزعيم مصطفى كامل، ومن بعده زادت علاقته بالزعيم محمد فريد، حتى أنه من كتب بيان الحزب الوطنى لنعى الأخير فى 19 نوفمبر 1919.
ربما ما يدعم الكلام سالف الذكر، هو قاله الزعيم الراحل مصطفى كامل عن أحمد عرابى، حيث رجع مؤسس الحزب الوطنى، نتائج الاحتلال إلى التباغض الجنسى بين جنود الجيش، ونزوع ثورة عرابى والتى انتهت باحتلال الإنجليز لمصر قائلاً: "كان الجيش المصرى على رأسه فى ذلك الأوان العنصر الشركسى المحبوب الباسل ولكنهم كانوا على ما يظهر من الذين لا يحسنون كثيرًا سياسية الجند ومن سوء حظ مصر أن وجد بجانبهم رؤساء فرق مصرية لم تخرجهم المدارس العالية بل أخرجتهم صفوف الجند وهم من سلالة مصرية صرفة، وقد حنق هولاء على أولئك واشتبك التباغض الجنسى بينهم ما أدى إلى نزوع إلى الثورة العرابية التى انتهت فصولها باحتلال مصر".