الحضارات تظهر وتقوى ثم تختفى وتحل مكانها حضارة أخرى أو تتحول إلى أثر، والأديان أيضًا تظهر ويزداد أتباعها ومنها من يظل فى ازدياد ومنها ما تتراجع، لكن الفارق بين الأديان والحضارات أن الأولى تقريبًا لا تحتفى أبدًا.
ومؤخرًا لفت انتباهي كتاب قديم عنوانه (أديان العالم فى الجاهلية) من تأليف محمد نعمان الجارم وصدرت طبعته الأولى من مطبعة تسمى السعادة، في سنة 1923 ميلادية أي منذ نحو 95 عاما، ورغم أن الكتاب كان مقصده الحديث عن الأديان التى كان يعرفها العرب قبل الإسلام لكن المقدمة كان بها حديث عن انتشار الأديان ونسبة متبعي كل دين في ذلك الوقت.
يقول الكتاب "والأديان السماوية كثيرة، ولم يبق منها الآن سوى اليهودية المبعوث بها سيدنا موسى الكليم عليه السلام ويعتقها ثمانية ملايين ونصف من الأنفس، والنصرانية المبعوث بها سيدنا عيسى عليه السلام ويدين بها نحو أربعمائة وثلاثة وسبعين مليونًا من الأنفس، والإسلام المبعوث به سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين ويعتنقه نحو مائتي مليون من الأنفس تقريبًا.
وأكثر الديانات اتباعًا الديانة البوذية، وهي منسوبة إلى بوذا، وهو رجل كان في سنة ستمائة واثنين وعشرين قبل المسيح، قصد بها في الإصل إصلاح الديانة الإبراهيمية، وتهذيب تعاليمها، ولكن نشأت بين معتنقي الديانة الإبراهيمية والبوذية منافسات ومناظرات انتهت أخيرًا بفوز الديانة البوذية وانتشارها على الديانة الإبراهيمية وأكبر انتشارها في الصين واليابان وكوريا وتبت ومنغوليا ويعتنقها نحو خمسمائة مليون من الأنفس.