خروج تمثال الملكة نفرتيتى من مصر فى عام 1913م، مازال مثيرا للجدل، وتعالت طلبات مصر وديا من ألمانيا خلال الأعوام الماضية لكن دون جدوى، واليوم 8 ديسمبر تنظر محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة، الحكم فى الدعوى رقم 26203 لسنة 68 قضائية التى يطالب فيها نبيل فزيع المحامى، باسترداد تمثال نفرتيتى من ألمانيا، وخلال السطور القليلة نستعرض ما الذى قامت به مصر لاستعادة التمثال.
تمثال نفرتيتى يعد أحد أشهر قطع فن النحت المصرى القديم، وهو تمثال نصفى من الحجر الجيرى الملكون، من أعمال الفنان المصرى تحتمس، وهو نحات الملك إخناتون.
عثر على تمثال نفرتيتى فى 6 دسيمبر 1912م، فى تل العمارنة من قبل الشركة الشرقية الألمانية، بقيادة عالم الآثار الألمانى لودفيج بورشارت، فى ورشة النحات تحتمس، مع العديد من التماثيل النصفية الأخرى لنفرتيتى، وقد وصف بورشارت الاكتشاف فى مذكراته، قائلا: فجأة، أصبح بين أيدينا أفضل الأعمال الفنية المصرية الباقية، لا يمكن وصف ذلك بالكلمات، لابد أن تراه".
طالبت السلطات المصرية بعودة التمثال إلى مصر، منذ إزاحة الستار عن التمثال وعرض لأول مرة فى متحف برلين عام 1924م، طالب بيير لاكو مدير مصلحة الآثار آنذاك وخليفة ماسبيرو بعودة التمثال لمصر وشكك فى القسمة بانها قد تمت بأسلوب غير أخلاقى، وفى عام 1925م، هددت مصر بحظر التنقيب الألمانى عن الآثار فى مصر، إلا إذا أعيد تمثال نفرتتيى. ومنع بورشارت مكتشف التمثال من الحفر فى مصر، وألقت الشركة الشرقية الألمانية باللوم على إهمال المفتش، وأشارت إلى أن التمثال كان على رأس قائمة التقسيم، وأن الاتفاق كان نويها.
وفى عام 1929م زار بيير لاكو برلين والتقى بمدير متحف برلين آنذاك هينويش شيفر واتفقا على حل المشكلة، حيث عرضت مصر مبادلة التمثال مقابل تمثالين هما رعنفر من الأسرة الخامسة وتمثال جالس لأمنحوتب ابن حابو من الأسرة الثامنة عشرة، وقد وافقت وزارة الفنون والعلوم والتعليم على ذلك أولا، إلا أن الرأى العام كان عكس ذلك حتى رفضت الوزارة عام 1930م تحت غدارة ألفريد جريم.
ويقول كتاب "ملكات مصر" للدكتور ممدوح الدماطى، أستاذ الآثار المصرية بجامعة عين شمس، حاولت مصر مرة أخرى بدء مفاوضات حول التمثال، ولكن دون استجابة من ألمانيا، إلا أنه فى ذكرى جلوس الملك فؤاد الأول على العرش عام 1933، طالب هيرمان جورينج وزير سلاح الجو النازى بإعادة التمثال للملك فؤاد الأول كمبادرة سياسية، وبدعم من المسؤول الإععلامى لهتر والسياسى النازى البارز يوسف رجوبلز وافق هتلر مبدئيًا إلا أن الرأى العام عرض الفكرة، وعندما زار هتلر المتحف ورأى التمثال عارض أيضا الفكرة، وقال للحكومة المصرية أنه سيبنى متحًا مصريًا جديدًا لنفرتيتى.
وحين أصبح التمثال تحت سيطرة الأمريكان بعد الحرب العالمية الثانية، طالبت مصر الولايات المتحدة الأمريكية بتسليمها التمثال، ووافقت الولايات المتحدة الأمريكية أول الأمر على أن يقام معرض لفنون العمارنة وتمثال نفرتيتى فى نيويورك ثم يعود بعدها إلى القاهرة، إلا أنها وبعد أن أطلعت على أوراق خروج التمثال رفضت واعتبرت أن التمثال خرج من مصر بقسمة شرعية، ونصحت مصر ببحث القضية مع السلطات الألمانية الجديدة.
وأوضح كتاب "ملكات مصر" أنه فى عام 1976م طالب الدكتور عبد القادر سليم رئيس هيئة الآثار مجددًا بعودة راس نفرتيتى، إلا أن هيلموت شميت مستشار ألمانيا الغربية شكاه للرئيس أنور السادات فعزله، إذ أن العلاقات المصرية الألمانية كانت قد عادت لتتحسن بعد توترها لعدة سنوات.
ثم أعلن الدكتور زاهى حواس الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن تمثال نفرتيتى ملك مصر، وانه خرج من مصر بطريقة غير شرعية، وبالتالى ينبغى إعادته. وطالب ألمانيا بإثبات صحة حيازتها للتمثال من الناحية القانونية. وفى عام 2005، طالب حواس اليونسكو بالتدخل لإعادة التمثال.
وفى عام 2007، هدد حواس بحظر معارض الآثار المصرية فى ألمانيا، إذا لم تقرض ألمانيا تمثال نفرتيتى لمصر، ولكن دون جدوى. كما طالب حواس بمقاطعة عالمية لإقراض المتاحف الألمانية القطع الأثرية بادئ ما أسماه "الحرب العلمية". وطالب حواس بعنوان "رحلات نفرتيتى" اطلقتها جمعيات تعاون ثقافى، حيث قاموا بتوزيع بطاقات بريدية تحمل صورة تمثال نفرتيتى مع عبارة "العودة إلى المرسل" وكتبوا رسالة مفتوحة إلى وزير الثقافة الألمانى بيرند نيومان، تدعم إعادة التمثال إلى مصر، إلا إن ألمانيا تخشى عدم عودة التمثال، إذا أعير لمصر.