للعام الثانى على التوالى، يحصل صوت نسائى عربى، على جائزة نجيب محفوظ فى الأدب لعام 2018، بعدما حصلت عليها الكاتبة السعودية أميمة الخميس عن روايتها "مسرى الغرانيق فى مدن العقيق"، بعد أن حصلت عليها من قبل الروائية الفلسطينية حزامة حبايب عن ورايتها "مخمل"، وذلك خلال احتفالية كبرى أقيمت بالقاعة الشرقية بحرم الجامعة الأمريكية بالقاهرة.
وحصل "انفراد" على تقرير لجنة التحكيم التى أعطت الجائزة للفائزة السعودية، والتى تتكون من الدكتور تحية عبد الناصر، الدكتورة شيرين أبو النجا، الدكتورة منى طلبة، الدكتور همفرى ديفيز، الدكتور رشيد العنانى، وجاء تقرير اللجنة كالتالى:
تحية عبد الناصر: إنها رواية غنية تنتمى إلى أدب الرحلة، يتسم أسلوب أميمة الخميس بهذا النوع الأدبى والحقبة التى ازدهر فيها وتستمد الراوية إشاراتها من الحضارة الإنسانية التى تشمل الشرق والغرب.. تسرد الرواية "مسرى الغرانيق" من بغداد، القدس، القاهرة، القيروان، إلى قرطبة، وتعيد صياغة أدب الرحلة، فهى أيضا أدبية يقوم فيها البطل بنقل الكتب إلى مكتبات هذه المدن.. تأخذنا الرواية من العالم العربى إلى الأندلس، وتسرد العلاقة بينهما من خلال مكتبة تاجر الكتب وتاريخ مشترك.. تتميز لغة أميمة الخميس بعذوبة ويضفى النص لى مدن العقيق النادرة الثمينة.
شيرين أبو النجا: تمكنت أميمة الخميس من الإمساك بجوهر التنوع الثقافى والدينى فى العالم العربى تحديدا فيما بين عامى 402هـ و405هـ، ومن أجل ذلك قامت بتوظيف تقنية الرحلة والرحال، لكنه الرحال الذى يبحث عن المعرفة، وينهل منها بشغف، وهى المعرفة التى تلقى به إلى التهلكة فى النهاية، كإشارة على المسار المسدود لحرية المعتقد والرأى.. يتقدم السرد فى مسارين بالتوازى فالمسار الأول يتبع خطوات مزيد الحنفى من قلب الجزيرة العربية إلى بغداد فالقدس ثم القاهرة فالقيروان، وتنتهى الرحلة بشكل مفارق فى زنازين الأندلس، حيث التاريخ الذهبى للحضارة الإسلامية، أما المسار الثانى الذى يمل السرد من خطواته فهو الرؤى الأيدلوجية والسياسية والمعرفية التى شكلت اللحظة الحاضرة بكل مآسيها وأحزانها وخيباتها إذ نشهد الصراع بين العقل والنقل، ونحزن كثيرا لصعود شيوخ الدين مقابل تكفير الفلاسفة.
همفرى ديفيز: لا تأخذ رحلة البطل الملحمية القارئ فقط عبر أراضى الحضارات العربية الممتدة إلى بغداد إلى الأندلس فى القرن الحادى عشر، بل فى نفس الوقت عبر عالم من النقاش الثقافى والصراع حيث قد توجد جذور كثير من القضايا، وأيضا الاضطراب، الذى تتسم به المنطقة اليوم.. بالنسبة إلى القارئ الغربى، تثير الخلافات المطروحة مسائل مثل قبول ورفض المعتزلة الكثير من المألوف فى تاريخه.
رشيد العنانى: تأخذ الرواية شكل رحلة من الجزيرة العربية عبر المدن العربية الكبرى فى العالم العربى فى القرن الحادى عشر أثناء الحكم العباسى فى بغداد، الفاطمى فى القاهرة والفصائل المقاتلة فى الحكم الإسلامى فى إسبانيا.. ومع ذلك فهى رحلة فكرية أكثر من كونها جغرافية، تهتم بتصوير القضايا الثقافية، خاصة الدينية فى العصر وأثرها على تطور البطل – الرواى.. تعكس الرواية تعاطفا كبيرا مع الاتجاهات الإنسانية فى الفكر العربى، خاصة المعتزلة، والنفور من التفسيرات الاستبدادية الصارمة للدين.. إن رؤيتها المتسامحة المتحررة، على الرغم من أنها تقع فى القرن الحادى عشر، لها امتدادات واضحة للتطرف والتعصب الدينى فى الحاضر.. هذه رواية جادة تتناول الزمن الحالى من خلال التاريخ.
منى طلبة: نص فريد فى أسلوبه ومبناه، مغامرة لغوية قديرة ومبدعة تحاكى أدب الرحلات الكبرى فى التراث العربى مثل رحلة ابن بطوطة وابن فضلان وابن جبير، ولكن على نحو مختلف بالنسبة للعنوان فهو يحاكى عناوين كتب التراث التى ترعى القافية، والغرانيق هى جمع غرنوق وهو طائر مائى ابيض طويل الساق جميل المنظر له قنزعة أى عرف ذهبى اللون، وقد اتخذ المعتزلة من أهل العدل والتوحيد لقبا لهم هو السراة الغرانيق، وقد تعاهدوا على اتخاذ العقل نبراسا ونشر الكتب والعلم.. أما الرواية فتدور فى العصور الوسطى العربية حقبة ازدهار الحضارة العربية الإسلامية، فبطا هو مزيد الحنفى، وهو اسم ذات دلالة وهو من جزيرة العرب، وخطاط ومدون وتاجر لها، يقتنى ويبيع الثمين من الكتب.. يلعب النص على التذكير بالماضى ونسيانه فى آن، استيعابه وتجاوزه، ويركز النص على خلاف معظم أدب الرحلات على دور المرأة فى هذه الحقبة فقهية وعالمة وإمامة جامع، نص يحيط بمصادر وأمهات كتب الثقافة العربية يتجاوزها.