قال الدكتور حسين حمودة، استاذ الأدب العربى الحديث بكلية الآداب جامعة القاهرة، إن جرجى زيدان الذى تمر اليوم الذكرى 157 على ميلاده، يمثل علامة على حقبة فى تاريخ الرواية العربية وتاريخ الثقافة العربية الحديثة بوجه عام، وبالطبع هناك الأدوار المهمة التى قام بها فى الصحافة، والصحافة الأدبية خصوصا، وفى دراسات اللغة العربية، والدراسات التاريخية.. إلخ.. ولكن الدور الأكبر والأشهر من أدوار جرجى زيدان اقترن برواياته التاريخية، التى جاوزت العشرين رواية.
وأضاف "حمودة"، فى تصريحات خاصة لـ"انفراد"، هناك انتقادات كثيرة قديمة منشورة حول كتابات جوجى زيدان، لم تتوقف عند رواياته وحدها وإنما امتدت أيضا إلى كتاباته فى التاريخ العربى والأدب العربى واللغة العربية، وقد نشرت كتب ومقالات كثيرة بعناوين مثل "جرجى زيدان فى الميزان"، و"نبش الهذيان من تاريخ جرجى زيدان"، وساهم فيها كثيرون مثل أنور الجندى، وشوقى خليل، وأحمد عمر الإسكندرى، ومحمد السيد الوكيل، وقد كيلت لزيدان اتهامات كثيرة فى هذه الكتب، منها اتهامات بالتعصب، والمغالطات التاريخية، والشعوبية، والتأثر بالمستشرقين ما إلى ذلك، ولكن هناك أيضا ردود كثيرة على مثل هذه الكتابات.
وأوضح الدكتور حسين حمودة: وفيما يتعلق بالقيمة الفنية والأدبية لروايات جرجى زيدان، فهى كانت تمثل "مرحلة" مبكرة نسبيا من مراحل تطور الرواية العربية، خصوصا الرواية التاريخية.. وبذلك فهى انطوت على "مشكلات البدايات" من الناحية الفنية.. فضلا عن أنها ارتبطت ببعض القضايا الإشكالية التى ظلت ملازمة لكتابة الروايات التاريخية، ربما حتى الآن، مثل قضية مدى التزام كاتب الرواية التاريخية بالحقائق المتعارف عليها تاريخيا، ومدى قدرته على أن يعيد النظر فى بعض هذه الحقائق، ومساحات الواقعى والخيالى فيما يكتب، وحدود الحرية فى الكتابة بما يجعله يقدم "رؤية" خاصة للتاريخ لا تقف عند مجرد نقله كما هو، وعلى أية حال، فروايات جرجى زيدان التاريخية كان من الضرورى أن توجد، أن تكتب وتنشر فى وقت من الأوقات، وأن تكون، بما لها وما عليها، خطوة مهمة أساسية فى مسيرة كتابة تالية تنبنى على التساؤل وتسعى إلى التجاوز.. وهو ما شهدناه فى الروايات التاريخية التى كتبت بعد جرجى زيدان بعقود قليلة، وأيضا هو ما نشهده الآن، بوضوح، فى الكتابات الروائية التاريخية العربية الراهنة.
الأديب والمؤرخ اللبنانى الكبير جرجى زيدان، (14 ديسمبر 1861م - 21 يوليو 1914م)، أحد المؤسسين الأوائل لكتابة الرواية العربية، وواحد من أبرز كاتبى الروايات التاريخية فى العصر الحديث، ومؤسس دار الهلال الصحفية فى 1892، وقيمت أعماله فى الكثير من الدراسات والكتب النقدية، اعتبرها البعض من كنوز الرواية العربية، فيما اتهمه البعض الآخر بأن أدبه كان سطحيا، وكتاباته بسيطة مقدمة للأطفال، ولا تعد كتابات ناضجة تعبر عن التاريخ الحقيقى للحقب التاريخية التى تناولها.