ولد الطاغية الرومانى الشهير نيرون عام 37 ميلادية، وقد اشتهر بحريق لمدينة روما الذى سجله التاريخ فى عام 64، لكنه قبل أن يفعل هذه الفعلة الخطيرة كان قد ارتكب عددا من الجرائم الكبرى منها ارتباطه بـ(بوبيا سابينا).
لقد أحب نيرون هذه الفتاة اليهودية، وهناك من يرى أنها هى التى دفعته لحريق روما، و(سابينا) هى الزوجة الثانية لنيرون، أجمل نساء روما، كانت عشيقة أو زوجة أولى للقائد أوتون صديق نيرون قبل أن تصبح عشيقة لنيرون ثم زوجته، حرضت الإمبراطور على قتل زوجته الأولى أوكتافيا، وكان نزاعها مع أمه من أسباب قتلها على يد ابنها نيرون، حيث قتلها بركلة قوية وهو غاضب، ثم أسف على موتها وأقام لها جنازة عظيمة.
تقول قصة الحضارة لويل ديورانت فى هذه القصة: "كانت بوبيا تنتمى إلى أسرة عريقة ذات ثروة طائلة، يقول عنها تاستس إنها (كان لها نصيب موفور من كل شيء إلا الشرف)، وكانت من النساء اللواتى يقضين النهار كله فى تزيين أنفسهن، ولا يحين قط إلا حين يرغبن فى الحياة، وحدث أن افتحر زوجها بجمالها أمام نيرون، فما كان من الإمبراطور إلا أن عينه والياً على لوزتانيا Lusitania (البرتغال) وضرب حصاراً على بوبيا، ولكنها أبت أن تكون عشيقة له، وقبلت أن تتزوجه إذا طلق أكتافيا".
وكانت أكتافيا قد صبرت على مساوئ نيرون صبر الكرام، وحافظت على تواضعها وعفتها وسط تيار الدعارة الجارف التى اضطرت أن تحيا فى غمرته من يوم مولدها، ومما يذكر بالفضل لـ (أجربينا) أم نيرون أنها ضحت بحياتها فى الدفاع عن أكتافيا ضد بوبيا، فلم تترك وسيلة تثنى بها الإمبراطور عن طلاق أكتافيا إلا لجأت إليها؛ وبلغ من أمرها أن عرضت محاسنها على والدها، وقاومتها بوبيا مقاومة شديدة وتغلبت عليها، ولجأت فى كفاحها إلى نزق الشباب، فعيرت نيرون بأنه يخشى والدته، وأقنعته بأن أجربينا كانت تأتمر به لتسقطه، وما زالت به حتى رضى فى ساعة من ساعات جنون الشهوة أن يقتل المرأة التى حملته فى بطنها وأعطته نصف العالم، وقد فكر أولاً فى أن يقتلها مسمومة، ولكنها كانت قد حصنت نفسها من السم بما تعودته من الأدوية المضادة له. ثم حاول أن يقتلها غرقاً ولكنها أنجت نفسها بالسباحة من السفينة التى تحطمت بتدبير الإمبراطور، وطاردها رجاله إلى دارها، فلما قبضوا عليها خلعت ثيابها وقالت لهم: "ادفعوا سيوفكم فى رحمى" واحتاج قتلها إلى عدة طعنات، ولما رأى الإمبراطور جثتها العارية كان كل ما قاله: "لم أكن أعرف أن لى أماً بهذا الجمال".