يحتفل المسيحيون هذه الأيام بميلاد المسيح عيسى بن مريم، وبالطبع كلما وردت سيرة المسيح جاءت سيرة نبى الله يحيى أو كما تسميه الكتب المقدسة (يوحنا المعمدان)، وتذكر الكتب أنهما أبناء خالة.
الذى يذكره أهل التاريخ والسير أن عمران والد مريم تزوج من امرأة اسمها (حَنَّة)، وأن زكريا عليه السلام تزوج من امرأة اسمها (إِيشَاع)، فأنجب عمران وحنة مريم عليها السلام، وأنجب زكريا وإيشاع يحيى عليه السلام .
ثم اختلفوا: من تكون (إِيشَاع) أم يحيى عليه السلام؟ على قولين:
الأول: أنها أخت مريم عليها السلام، وهو قول الجمهور كما يقول ابن كثير فى "البداية والنهاية" (1/438).
وعليه فيكون عيسى ويحيى عليهما السلام ابنى خالة على الحقيقة، لأنهما أبناء أختين (مريم وإِيشَاع).
واستدلوا بظاهر حديث المعراج عن مالك بن صعصعة رضى الله عنه، أن نبى الله صلى الله عليه وسلم حدثهم عن ليلة أسرى به فكان مما قال: ( ثُمَّ صَعدَ حَتَّى إِذَا أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ فَاستفتَحَ، قِيلَ مَن هَذَا؟ قَالَ: جِبرِيلُ. قِيلَ: وَمَن مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: وَقَد أُرسِلَ إِلَيهِ قَالَ: نَعَم. قِيلَ: مَرحَبًا بِهِ، فَنِعمَ المَجِيءُ جَاءَ، فَفُتِحَ، فَلَمَّا خَلَصتُ إِذَا يَحيَى وَعِيسَى - وَهُمَا ابنَا الخَالَةِ، قَالَ: هَذَا يَحيَى وَعِيسَى، فَسَلِّمَ عَلَيهِمَا، فَسَلَّمتُ، فَرَدَّا، ثُمَّ قَالا: مَرحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِى الصَّالِحِ) رواه البخارى (3207) وهذا لفظه ومسلم (164).
الثانى: أن (إِيشَاع) هى أخت أم مريم (حَنَّة)، فتكون إِيشَاع خالة مريم عليها السلام، وهو الذى ذكره ابن إسحاق وابن جرير "جامع البيان" (3/234)، واقتصر عليه الحافظ ابن حجر فى فتح البارى (6/68).
أما فى الكتب المقدسة:
أليصابات، والدة القديس يوحنا المعمدان، واسم أليصابات هو الصيغة اليونانية لاسم لفظه فى اللغة العبرية "اليشبع".
تربطها بالسيدة العذراء علاقة قرابة فوالدتها "صوفية" كان لها أختان وهما مريم وهى أم سالومى التى اهتمت بالعذراء مريم أثناء الميلاد، والصغرى هى القديسة حنة والدة العذراء مريم أم المسيح، وبذلك تكون سالومى وأليصابات والسيدة العذراء مريم بنات خالات، وبذلك تعتبر "خالة" المسيح.
وقد تزوجت أليصابات من زكريا الكاهن وقال عنهم الكتاب المقدس "وكان كلاهما بارين أمام الله سالكين فى جميع وصايا الرب وأحكامه بلا لوم" كما يقول إنجيل لوقا، ولكن لم ينجبا ولدا، ولبثا يصليان حتى استمع لهما الله وأرسل ملاكا ليبشر "زكريا" بميلاد ابنهما يوحنا المعمدان، فلم يصدق فأمره الملاك ليكون صامتا حتى ميلاده.
عندما سمعت السيدة العذراء بخبر حملها ذهبت إليها لزيارتها وعندما رأتها قالت أليصابات: "فَمِنْ أَيْنَ لِى هذَا أَنْ تَأْتِى أُمُّ رَبِّى إِلَيَّ؟"، وأضافت أن الجنين -القديس يوحنا- تهلل بابتهاج فى بطنها.
يقول القديس لوقا فى إنجيله: "فَمَكَثَتْ مَرْيَمُ عِنْدَهَا نَحْوَ ثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ، ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا وَأَمَّا أَلِيصَابَاتُ فَتَمَّ زَمَانُهَا لِتَلِدَ، فَوَلَدَتِ ابْنًا. وَسَمِعَ جِيرَانُهَا وَأَقْرِبَاؤُهَا أَنَّ الرَّبَّ عَظَّمَ رَحْمَتَهُ لَهَا، فَفَرِحُوا مَعَهَا. وَفِى الْيَوْمِ الثَّامِنِ جَاءُوا لِيَخْتِنُوا الصَّبِى، وَسَمَّوْهُ بِاسْمِ أَبِيهِ زَكَرِيَّا. فَأَجَابَتْ أمُّهُ وَقَالَتْ: "لاَ! بَلْ يُسَمَّى يُوحَنَّا". فَقَالُوا لَهَا: "لَيْسَ أَحَدٌ فِى عَشِيرَتِكِ تَسَمَّى بِهذَا الاسْمِ".ثُمَّ أَوْمَأُوا إِلَى أَبِيهِ، مَاذَا يُرِيدُ أَنْ يُسَمَّى. فَطَلَبَ لَوْحًا وَكَتَبَ قِائِلاً: "اسْمُهُ يُوحَنَّا". فَتَعَجَّبَ الْجَمِيعُ. وَفِى الْحَالِ انْفَتَحَ فَمُهُ وَلِسَانُهُ وَتَكَلَّمَ وَبَارَكَ اللهَ".