22 شارع فضل الله عثمان، بحى إمبابة، هنا عاش إبراهيم أصلان، البسيط الذى جاء من بين "الغلابة" ليكتب سيرتهم، وينقل سحر مملكتهم الخاص من خلال كتاباته وأعماله الخالدة، فمن ينسى "مالك الحزين"الذى أصبح فيما بعد "فيلم الكيت كات"، "وردية ليل".
فى مثل هذا اليوم منذ 7 سنوات غاب عن عالمنا حكاء الغلابة، الروائى الكبير إبراهيم أصلان، عن عمر ناهز 76 عاما، فى 7 يناير 2012، بعد حياة كبيرة جعلته من أبرز الوجوه الروائية المصرية فى القرن الفائت.
البوسطجى
لعل مهنة البوسطجى التى امتهنها الكاتب الراحل، كانت صاحبة فضل فى العديد من الأعمال البديعة التى تركها الكاتب، ربما كانت أبرزها "وردية ليل" الذى نشرت بعد رحيله بأيام، فلم يحقق أصلان تعليما منتظما منذ الصغر، بعدما استقر فى مدرسة لتعليم فنون السجاد تركها إلى الدراسة بمدرسة صناعية، ألتحق إبراهيم أصلان بهيئة البريد وعمل لفترة كبوسطجى ثم فى إحدى المكاتب المخصصه للبريد، لتلهمه تلك التجربة الثرية فى إبداعته.
الأب
كثيرا ما حكى القاص الشاب إبراهيم أصلان، عن والده الأديب الراحل، على صفحته على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، ومن بين تلك الحكايات، ما رواه القاص الشاب عن فكرة "العدل" التى كانت تدور فى ذهن إبراهيم أصلان تجاه أبنائه، حيث قال: وفى مرة كان رايح ألمانيا، وشادى أخويا قال له إن دى بلد صناعة الأديداس: "جيب لى من هناك أى جزمة أديداس عشان اللى بيتباع هنا كله صينى مش ألماني"، المهم اشترى جزمة شادى ببساطة وبدأ يدور مع أصحابه على جزمة لى بصعوبة، ولما قالوله إنه مش لازم "طالما مش متأكد من ذوقه بلاش ولما ترجع مصر عوضه بأى حاجة"، رد بإن: "هاجيب له الجزمة بأى طريقة وإلا هارمى جزمة أخوه فى أى صفيحة زبالة ولا إنيش أرجع جايب لواحد جزمة والتانى لا".
الإنسان
الحكايات الإنسانية وحياة الغلابة كانت تسيطر على كتابات إبراهيم أصلان، وانفعالاته أيضا، وربما كان ذلك سببا فى تعرضه لأزمات صحية، ومن هذه المواقف ما تذكره الناقدة عبلة الروينى فى مقالها «قلب أصلان» بأخبار الأدب: "نصحه يوما الشاعر عبدالوهاب البياتى بأن يحتفظ بمسافة مأمونة بينه وبين الواقع، حتى لا ينكسر قلبه..لم يسمع إبراهيم النصيحة، لم يحتفظ بالمسافة المأمونة.. لم يحتفظ بأى مسافة لينكسر قلبه مرات ومرات، لينكسر قلبه دائما، فالناس هم عالمه وحكاياته، يعيش فيهم ويعيش بهم.. كل شخصياته يعرفهم واحدا يتابع مصائرهم داخل القصة وخارجها أيضا..شخصيات حقيقية وصادقة ومن فرط صدقها وحقيقتها تخالها غير حقيقية".
"أبو دم خفيف"
تميز الأديب الراحل إبراهيم أصلان، بخفة دم كبيرة، طالما حكى بها أبنائه وأصدقاؤه، من بين تلك المواقف، من بينها رواه نجله هشام أصلان أيضا، فبعدما تقدم الروائى الرحل فى السن، وكان يتعب من طلوع السلالم لعدم وجود أسانسير، وكان يخجل فى طلب عمل أنسانسير من ملاك المنزل، حتى جاء اليوم صادف طلوعه السلم، وتقابل من السيدة مالكة المنزل، والتى ما رأته يستريح قليلا، حتى أكدت له أن الأسانسير سيتم تركيبه قريبا، ويروى هشام عن هذا الموقف وبعد تأكيد مالكة المنزل على تركيب الأسانسير، قائلا: فى لحظة جات له فكرة، قال لها: يا ريت يا دكتورة، ومش عشاني، أنا ممكن استحمل، لكن أنا راجل زى ما انت عارفة بيجيلى ضيوف مهمين طول الوقت، طب تصدقي؛ لسه كان بيزورنى الدكتور أسامة الباز من كام يوم، وأحرجت جدا لما مدير مكتب الريس دخل على وهو بينهج، وسألني: إزاى يا أصلان ماعندكش أسانسير لغاية دلوقت؟، الست الجميلة ماكدبتش خبر، أسبوعين تقريبا والأسانسير ركب.. وتقديرى إنها فهمت المقلب وتجاوبت معاه عشان ماتزعلهوش".
الصديق
العديد من الكتاب والنقاد، أرتبطوا بصداقة الأديب الراحل، وطالما حكى الكثير عن علاقتهم الإنسانية به، فكان مقرب من الأديب الكبير الراحل يحيى حقى، وأرتبط بصداقة الناقد الكبير الدكتور حسين حمودة، ومن أقرب اصدقائه أيضا الشاعر الكبير إبراهيم داوود، وكثيرا ما قال أصدقاء الكاتب الراحل بأنه كان يملأ حياتهم بهجة، حين يصمت سامعاً وحين يعلّق موجزاً أو يستطرد ناسجاً مشهداً من كلام الجلسة.