يستضيف بيت السنارى الأثرى بحى السيدة زينب بالقاهرة، التابع لمكتبة الإسكندرية، ندوة حول كتاب "وثائق ناصر"، وذلك يوم الخميس الموافق 17 يناير الجارى فى تمام الساعة السادسة مساءً.
ويقدم الكتاب الدكتور جمال خالد عبد الناصر، حيث يقدم محتويات الكتاب التى ضمت يوميات جمال عبد الناصر فى حرب فلسطين 1948م، وكتاب فلسفة الثورة والميثاق، وبيان 30 مارس 1968م.
ويذكر جمال خالد عبد الناصر، أن مصر احتفلت خلال عام 2018، بمئوية جمال عبد الناصر، وأنه يشرف بالانتساب إليه وأن والده أسماه على أسم جده الرئيس جمال عبد الناصر، وأضاف أنه مع بدايات سنوات الصبا بدأ يدرك من هو جمال عبد الناصر.
ويتذكر عندما سأله والده خالد عبد الناصر يوماً عن أهم ما يميز شخصية جمال عبد الناصر؟ فأجابه: أن القدرة على تحمل المسئولية، وعدم الضعف أمام ملذات الحياة، والقابلية للتعلم واكتساب الخبرات طيلة الوقت، وتلك الطاقة الجبارة على التحدى.
وعن طبيعة علاقة خالد عبد الناصر بوالده الرئيس جمال عبد الناصر قال إن والده لم يقم أبداً بضربه أو نهره بل كان عقابه له لو أخطأ أن يقول له: أنا زعلان منك يا خالد، وأكد أن تلك الجملة كان وقعها عليه أشد بكثير من قيام عبد الناصر بضربه أو نهره، وأن حرصه على عدم سماع أبيه يتفوه بها جعله يحاول ضبط سلوكه باستمرار، وعندما سئل مرة عن الوقت الذى كان يقضيه الرئيس جمال عبد الناصر مع أسرته فى ظل مشاغله التى لا تنتهي، قال إن عبد الناصر كان حريصاً على تناول وجبة الغذاء يومياً مع الأسرة كلها مهما بلغت مشاغله، وخلال تلك الفترة يتعرف منهم جميعاً عن أحوالهم الدراسية وأمور حياتهم اليومية، ويقوم بالتنبيه عليهم أنه ممنوع منعاً باتاً أن يستغلوا كونهم أبناء رئيس الجمهورية فى الحصول على أى امتيازات، وأنه لن يتهاون فى عقاب أياً من يحيد منهم عن تلك النقطة.
ويذكر جمال خالد عبد الناصر أن جمال عبد الناصر كان واسع الاطلاع فى شتى المجالات، وكان يولى أهمية خاصة للاقتصاد، وبلا شك كان مطلعاً على تطورات عملية صياغة النظام الاقتصادى العالمى بعد معارك الحرب العالمية الثانية، والكيفية التى جرت بها عملية إنشاء صندوق النقد الدولى والبنك الدولي، وفى عام 1944م اجتمعت وفود من 44 دولة وعلى رأسهم الولايات المتحدة لصياغة مجمل نصوص نظام الصندوق الأساسي، حيث كان الغرض الأول لإنشاء صندوق النقل الدولى هو الحفاظ على استقرار النظام المالى وإدارة أسعار صرف العملات العالمية لأن الدول الكبرى آنذاك كانت منزعجة لقيام بعض الدول بخفض قيمة عملاتهم لزيادة التصدير وضبط ميزانهم التجاري، وقد جرى التفاوض على بنود مسودة نظام عمل الصندوق خلال ثلاثة أسابيع فى فندق ماونت واشنطن فى بريتون وودز بولاية نيو هامبشير الأمريكية، تم ذلك بشكل متسرع مما أدى إلى شكوى من الدول الصغيرة حول أسباب سرية اتخاذ القرارات واستعجال الدول الكبرى على التصديق على بنودالتأسيس.
وكانت معركة تأميم قناة السويس فى عام 1956م واحدة من أكبر معارك جمال عبد الناصر، وقد حدثت بسبب رفض الولايات المتحدة تمويل مشروع بناء السد العالى عبر قرض من صندوق النقد الدولي. بعد خروج مصر منتصرة من حرب عام 1956م، بدأ جمال عبد الناصر فى تمصير الاقتصاد المصري، واسترداده من الأجانب، وجاءت قرارات يوليو 1961 الاشتراكية لتأكيد اختيار جمال عبد الناصر للطريق اللا رأسمالى فى بناء اقتصاد مصر.
وقد قرأ جمال عبد الناصر المستقبل لذا قرر تحويل مصر لدولة صناعية قادرة على المنافسة، ومن أجل تسويق المنتجات المصرية قام بمد النفوذ السياسى المصرى فى أفريقيا وأسيا وأمريكا الجنوبية، ارتبط بناء التجربة المصرية والنموذج الذى تقدمه مصر فى محاربة الاستعمار بقدرة مصر على التنمية الاقتصادية الإنتاجية المرتكزة على الزراعة والصناعة، ورفض تبعية الاقتصاد المصرى للاحتكارات الرأسمالية العالمية مما سيؤدى لارتهان الإرادة السياسة المصرية للغرب.
وتحدث جمال عبد الناصر كثيراً عن تعدد أنماط الاستعمار من استعمار مسلح إلى استعمار اقتصادى إلى استعمار فكرى وثقافي، وقد حاول طيلة حكمه الحفاظ على إرادة مصر حرة وغير خاضعة للقوة العظمي، بل سعى لتحويل مصر لقوة عظمى فى إقليمها، وعبر كل دول العالم الثالث، وقدوة لكل دول العالم الثالث.
ورفض عبد الناصر أن يكون وكيلاً للمصالح الإمبريالية الأمريكية، فلم يبادر أمريكا بعداء بل كان كل حلمه أن يضمن استقلال وتنمية الوطن العريب من أجل مصالح الشعوب العربية، وليس لصالح الاستراتيجية الأمريكية العالمية.
وكان عبد الناصر طموحاً، وحالماً، ولم يتوقف عن الحلم حتى لحظة وفاته، فتمتع بعد وفاته بشعبيه جارفة على امتداد الوطن العربى لم تحدث من قبله، فلقد أحب العرب فيه روح التحدى والصمود والقدرة على المواجهة، أحبوا فيه قدرته على التعبير عن مصالحهم. فلقد ظل عبد الناصر حتى آخر يوم فى حياته مخلصاً لطبقته، وللفقراء الذين ثار من أجلهم، عاش ومات مدافعاً عنهم.