فى كتاب سحر مصر لـ فيليبو مارينتى، الذى صدرت ترجمته عن المركز القومى للترجمة، يقول مارينتي، الذى ولد فى أسرة إيطالية فى الإسكندرية، بعد مرور سنوات وسنوات من الحيوية والإبداع عدت إلى نقطة ثابتة من التأمل: إلى مسقط رأسى مصر.. فمنذ زمن كانت تنادينى سماءها المكتظة بشذرات الذهب الناعمة وتلاحق كثبانها الصفراء الساكنة وأهراماتها الشامخة المثلثة الآمرة ونخيلها الوديع الذى يبارك أباه النيل الخصيب الذى يجرى فى أخدود تربة سوداء وكلأ أخضر".
ومن ضمن الموضوعات التى كتبها مارينى بـ أدبية عالية "خواطر جاموسة " وفيها يقول "كلص طريد، أخذ القطار يلامس مزارع الموز التى تموج بالزمرد الحى وتنديها حليات من ذهب، وتشهر عاليا أشرعة على شكل أقواس تبدو كالسواطير.
ويضيف قالت الجاموسة وهى تلوك:
"أنا ابنة الأرض السوداء والنيل الرمادي، أبدو مسترخية وكأننى كومة من رغام، أنحت فوقه هيئة جسدى فى أثناء نهوضي، وسرعان ما أستكمل كل من ظهرى وقرنى الصورة الجانبية للأسطح المنخفضة التى تعج بالقش، والأطفال والخرق البالية، والماعز الصغير، وقباب الأفران ومواسير من الفخار دون دخان، أحب السكون الممتد على بعد خطوات قليلة من القضبان والطريق. لا أرفع خيشومى عند مرور الفلاح الجالس جانبا فوق الجمل المتموج، يحدق فى دون أن يراني، فالهدف المنشود لا يستحق نظرة منه، ولا القرية يفوح عبقها قويا خلف ظهره.
"لن أتنفس مطلقا من جديد هواء غنيا بالجراثيم مثل هوائي، فالرغام المتبخر هو منشأ الهواء يضغط على الوجنات كقطعة إسفنج دافئة.. وأخذت الجلاليب فضية اللون التى تكنس الطرق السوداء أو خضرة المراعى اللامعة تعطر السماء ببخور الأرض الطيبة".
"وفى هذه الأثناء توقدت السماء الزرقاء وظهرت سحب صغيرة متفرقة من الفضة فى توهج مستمر ومعلقة فوق آلهة غير مرئية. وشعرنا بهاجس المياه. وبقلق الضوء وببريق الحصى المتعطش".