تحت عنوان "نبى الكادحين وصوت مئذنة أصيل يا أبى" صدرت حديثاً مجموعة شعرية جديدة للشاعر والإعلامى اللبنانى محمد غبريس عن دار الأدهم بالقاهرة.
والمجموعة هى الخامسة للشاعر بعد "معشوقتى فى رحيل دائم" – 1999، "أحدق فى عتمتها" – دار كنعان بدمشق عام 2015، "جرار الضوء"- أكاديمية الشعر بأبو ظبى عام 2013، "نبض الأقحوان" - دار الحوار بدمشق عام 2010، وقد تم توقيع المجموعة ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولى للكتاب فى يوبيله الذهبى.
تتضمن المجموعة ثلاث عشرة قصيدة تنوعت بين شعر التفعيلة والعمودى وهى: نبى الكادحين، من نور رؤاك، مازلت تطلع لي، رفيق الحقول، وحدك المبتل بي، بلا مثيل، نبع رضا، ويح ما تهب، حكاية جرح، الهاوية، جمر الشكوك، وحى الثبات، حورية الوهم.
يحتفى الشاعر بالأب فى ذكرى رحيله والعلاقة المتميزة التى كانت تجمعهما والقائمة على التضحية والعطاء والدعم والمحبة والوفاء، وهى شهادة وفاء فى حق رجل يمارس الأبوة من منطلق إنسانى وليس السلطة، وبرحيله يخسر الشاعر سنداً قوياً للحياة والقصيدة والمستقبل، ويرى فى الذكريات شعلة متوهجة لمواصلة الدرب والاقتداء بالنهج الذى رسمه فى مواجهة الأيام بالمزيد من الصبر والأمل والحب.
فى كل قصيدة حكاية معبأة بالحنين والشوق والإباء والكرامة منها ما يبحر فى أعماق الطفولة، ومنها ما يهيم فى حقول التجربة، ومنها أيضاً ما يعانق فضاء الوطن، إنها تجربة شعرية تمتد من البواكير الأولى وصولاً إلى منابت الذكرى، وهى مكملة ومتواصلة فى الحفر والارتقاء بالإنسان والإنسانية.
يستعين الشاعر فى إهدائه للمجموعة بمقولة للروائى واسينى الأعرج "إن الأب مثل الروح، عندما تخرج يتهاوى الجسد"، حيث يعبر الشاعر عن هذا الفقد، مؤكداً أنه بعد رحيله لا ضفاف لجدول الفرح النقى ولا ظل للشجر المعبأ بالحنين، ومن دونه لن يشدو المدى أو أن يفوح عطر فى زوايا العمر، أو أن ترقى الحياة إلى مقام دموعه الحرى، ولكنه لا يزال يروى من حنايا القلب عمراً ويضيء الغد من نور رؤاه.
كما تتضمن المجموعة قصائد ذاتية ووطنية، يجيب بعضها على أسئلة الواقع برؤية جديدة وإنسانية، ويلاحق بعضها الآخر تلك الأحلام الهاربة من ألم الماضى الثقيل، محتفياً بالأمل كجسر عبور من المأساة الراهنة والثابتة إلى مستقبل متحول ومتغير خال من الموروثات والجراحات التاريخية.
من أجواء المجموعة:
لا شىء يبعثُ فى البلاد على رضا
لا فرق بين القاتل المقتولِ
أو بين القتيلْ
والحلمُ ضاعَ على رصيف القهرِ
مخذولاً
وليس لنا
سوى النجوى بديلْ
لم يجدِ نفعاً ما مضى من ذكرياتٍ
لم يعدْ لى من طريق الأمنياتِ
سوى الرحيلْ
لكنّما الطغيان فى أوطاننا إرث ثقيلٌ يا أبي
لا تتعب الأحزانُ
أو يأبى الردى أن يستقيلْ
كيف السبيلُ إلى الخلاصِ
فمذْ رحلتَ
بغيرِ قولٍ أو وداعٍ
ضاقَ بى نبضُ الفؤادِ
فلا سبيلْ