صدر للشاعر المصرى المقيم فى الكويت محمد عبد الحميد توفيق ديوان "لهيبُ العسل" عن دار الأدهم بالقاهرة، وهو السادس فى مسيرته الشعرية، حيث أصدر من قبل "هندسة الأوجاع" عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، تلاه مشروع شعرى عن الأشجار وتحولاتها من أغصان مخضرة مثمرة إلى خشب يتماهى مع الحياة ويتحد مع تقلباتها وتصاريفها، وتوزعت هذه التجربة المغايرة على دواوين "سيرة أخشاب تتهيأ للملكوت" عن دار التلاقى"، "وحده الشجر العارف بالسر" عن دار الأدهم و"تحصدنى بدمعتها السنابل" عن دار روافد، وللشاعر أيضًا ديوان شعرى للأطفال يحمل عنوان " طائرتى الورقية" وصدر عن دار الرسالة فى الكويت.
وفى ديوانه الجديد يدخل توفيق ساحة العشق، متأبطًا حلمًا وأجنحة من حنين، فيفرش نور القمر ليجالس الحبيبة ويذوب رقة فى تناغمها مع أفراحه وأتراحه، وينتصر للمرأة رمزًا ومعنى ودلالةً وإشارة، ومن إهداء الديوان يتضح المسلك الشعرى المبحر فى عسل الحب النابع من دفقة نور الإنسانية، حيث يهدى الشاعر ديوانه إلى "نخلة حللتُ بجذعها فأنجبتْ عسلاً ونورًا"، ثم ينثر مشاكساته لأنثاه معلناً أن المرأة هى الحياة بأبهى تجلياتها، وهى بمنزلة الدم فى العروق والأنفاس فى رئة العاشق المسافر فى سماء الحب الخالص.
يضم الديوان نحو 40 نصًا تتراوح بين القصر والطول، وجاءت جميعها نثرية إلا قليلاً منها، ومنذ نص المفتتح "آية العسيلة" حتى النص الختامى "الفول الأخضر" تتنطلق الشعرية فى مسار واحد ويجمعها خط تنتظم خلاله ويتجلى فى الرؤية والبنية والسمات والتناول.
وحمل النص الأخير فى "لهيب العسل" عنوان " الفول الأخضر"، ليلخص الشاعر من خلاله مسيرة الحلم ومحاولات استنطاق دورة الوجود عبر التوحد بالحبيبة والتماهى بها فى تراب الأرض وطين حقول الحياة .
"هل تذكرين حقلَ الفولِ الأخضر؟ / وسطَ الأزهارِ نَعِسْنَا / رأينا فى المنامِ أنَّنا تَحوَّلْنا إلى بذرتين غرسَهَما الفلاحُ/ تحتَ التُّربِ تعانَقْنَا/ أشفقت غيمةٌ علينا فأمطرتْ/ ابتلَّتْ قشرتُنا ففتَقْنا الأرضَ/ وباركت الشمسُ اخضرارَنا/ نَمَتْ براعمُ الزَّغَبِ فى غُصنَيْنا/ وكلَّما ظمِئنا رشَّ الفجرُ قطراتِ النَّدى علينا/ مُبتسماً يرمُقُنا الفلاحُ، مؤجّلاً يوم حصادِنا/ وإذا أحرقهُ وهجُ الحقلِ انصرفَ/ لنبدأَ فى اللمسِ وفى الهمسِ/ تلتفُّ الساقُ بنارِ الساق/ والزهرةُ ترتشفُ رحيقَ الزهرة، وييوحُ الجدولُ بالسرِّ إلى السدرة/ والسدرةُ تنقلُ للجميزةِ نبأَ حبيبين اتَّحدا/ تتناقلُ كلُّ الأشجارِ حكايتَنا/ ويؤازرُنا اللهُ إذا اقتربت منجلُ هذا الحَصَّادِ/ نبكى بعضَ الوقت/ لكنَّا بعد قليلٍ نضحكُ/ نرقصُ حين نحلُّ بأجسادِ الجَوْعَى/ نتهيأُ لحياةٍ أُخرى حين تجيءُ يدٌ تغرسُنا فى بلدٍ يترقَّب نبتةَ عشقٍ وعناق".
يذكر أن محمد عبدالحميد توفيق صحفى مصرى مقيم فى الكويت منذ 14 عامًا، ويعمل صحفيًا فى جريدة القبس، وفاز بالعديد من الجوائز الأدبية، وله عدة كتب تحت الطبع منها: وجوه فى الغربة وهو كتاب سردى من يوميات الغرباء، إضافة إلى ديوانى" أشجار تلاحقنا" واكفلنى يا مولاى، وللأطفال يُصدر قريباً قصص النيل المسافر.